أوضح تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي لعام 2020 ، استحواذ قطاع البناء والتشييد على الحصة الأكبر من تمويلات البنوك لصالح أكبر 100 عميل خلال النصف الأول من العام الماضي، نتيجة دعم تعافي الاقتصاد ودعم البنك المركزي للقطاع خلال الفترة الاخيرة.
وجاء في التقرير، إن حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة لأكبر 100 عميل سجلت نحو 507.6 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضي بمعدل نمو %19 عن العام السابق له تركزت في 16 قطاعًا اقتصاديًا، بينما تصدرها 4 قطاعات اقتصادية بنسبة %58، مشيرًا إلى إن قطاع التشييد والبناء منذ بدايات العام الماضي وبالرغم من ارتفاع أسعار مواد البناء ارتفاعًا متتاليًا، إلا أن قطاع التشييد والبناء شهد نموًا ملحوظًا بالرغم من انتشار جائحة كورونا.
وأشار التقرير إلى أن قطاع التشييد و البناء استحوذ على نسبة %22 من حجم التسهيلات لأكبر 100 عميل بنهاية يونيو الماضي بزيادة قدرها 46% مقارنة مع يونيو من عام 2020، بينما استحوذ قطاع البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات على %16.2 ، يليه قطاع الحديد والصلب بنسبة %10.35 ، ثم قطاع التنمية العقارية على بنسبة 9.5 % .
وكشفت النشرة الشهرية للبنك المركزي المصري عن ارتفاع محفظة التسهيلات الائتمانية للعملاء إلى 2.996 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر الماضي مقابل 2.948 تريليون جنيه في سبتمبر الماضي .
وفي هذا الشأن يرى مصرفيون إن نشاط التشييد والبناء يمر بانتعاشة قوية وتعافيًا ملحوظًا بفضل المشروعات العملاقة والمدن الجديدة والطرق وغيرها من المشروعات التي تنفذها الدولة، وهو ما انعكس بدوره على زيادة التمويل الممنوح من قبل البنوك لهذا القطاع من أجل توفير السيولة اللازمة ودعم قدرته على الاستمرارية والتوسع.
وأضاف المصرفيون أن السياسات التحفيزية للبنك المركزي المصري من خلال السماح للشركات بالاستفادة من مبادرة القطاع الصناعي بفائدة %8، كان لها دور كبير أيضًا في نمو قطاع التشييد والبناء، مشيرين إلى أن القطاع يعد أحد المحركات المهمة لدفع عجلة الإنتاج وتنشيط الاقتصاد المصري، إضافةً لارتباطه بشكل مباشر وغير مباشر بعددٍ كبير من القطاعات الأخرى، وأن القطاع أسهم كذلك خلال الفترة الماضية في دعم الشمول المالي داخل القطاع المصرفي من خلال جذب شريحة كبيرة من عملاء الشركات لدعم خطط الدولة بهدف تنشيط الاقتصاد المصري والتنمية الشاملة والمستدامة.
وقال "محمد عبد المنعم" مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة في تصريحات صحفية، أن حجم التمويلات الموجهة لقطاع التشييد والبناء تعد على رأس أولويات البنوك لمنح تسهيلات ضخمة مقارنةً مع القطاعات الأخرى، نتيجة إستراتيجية الدولة في تنفيذ المشروعات العملاقة وإنشاء عدد كبير من الوحدات السكنية خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن القطاع يعد من أقل القطاعات تأثرًا باستمرار تفشي الآثار الناجمة عن فيروس كورونا خلال الفترة الأخيرة، نتيجة النمو المتسارع في بناء المشروعات الكبرى منها مشروعات لفئات محدودي ومتوسطي الدخل.
وأكد أن نشاط التشييد والبناء يعد أحد أهم القطاعات داخل البنوك خاصةً أنه يلعب دورًا كبيرًا في دفع عجلة الإنتاج وتنشيط الاقتصاد المصري.
وأضاف أن المبادرات التي أطلقها البنك المركزي للتمويل العقاري، تعد أكبر داعم لتنشيط عدد كبير من شركات التطوير العقاري خلال الفترة الأخيرة، موضحًا أنه خلق فرص عمل واسعة للمواطنين في هذا المجال.
وتوقع "عبد المنعم" أن الفترة المقبلة ستشهد تزايدًا كبيرًا في تقديم القطاع المصرفي تسهيلات بشكل أكبر لشركات التطوير العقاري بهدف تعزيز استثماراتها وإنشاء عدد كبير من الوحدات السكنية.
من جانبه، صرح "محمد عبدالعال"، الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق إن تقديم البنوك تسهيلات ائتمانية لقطاع التشييد والبناء في الفترة الماضية، جاء بهدف تعزيز النمو الاقتصادي ودفع عجلة الإنتاج للدولة المصرية، خاصةً أنه يضم ما يزيد عن 20 نشاطًا من القطاعات الأخرى المساندة والمرتبطة به، موضحًا أن قطاع التشييد والبناء يعد أحد المحركات المهمة لأنه يعمل به ما يقرب من 90 مهنة.
وأضاف أن نشاط التشييد والبناء لايزال في حاجة مستمرة إلى الأدوات التمويلية المصرفية وتقديم الدعم بشكل دائم بالسيولة لمنحه القدرة على الاستمرارية والتوسع داخل السوق المصري، بهدف تطوير وإنشاء عدد كبير من المدن الجديدة، مشيرًا إلى أن هذا العمل يحتاج إلى تقديم البنوك تسهيلات بحجم كبير للمطورين العقاريين للقيام بدور المنفذ لتلك المشروعات.
وأوضح "عبد العال" أن بعض البنوك تمنح مزايا مختلفة لبعض الشركات مع شركات التطوير العقاري ، أبرزها ضخ تمويلات بفائدة منخفضة، لافتًا إلى أن البنك المركزي المصري لعب دورًا كبيرًا في تنشيط قطاع البناء والتشييد خلال الفترة الماضية من خلال المبادرات التي أطلقها ومن أهمها مبادرة التمويل العقاري بعائد 3 % .
وفي سياق متصل، صرح "ماجد فهي" الخبير المصرفي، إن البنوك المصرية اتجهت بقوة لضخ تسهيلات لشركات التطوير العقاري خلال الآونة الأخيرة بهدف تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى، مشيرًا إلى أن الطلب على العقارات في السوق المحلية في تزايد مستمر مدفوعة بالزيادة السكانية، مقارنةً مع السنوات الماضية.
وأوضح أن شركات التطوير العقاري تتجه إلى خلق تعاون مع البنوك لحاجتها المستمرة إلى تمويلات البنوك التي توفر لها السيولة الكافية لبناء وتطوير عدد كبير من الوحدات السكنية، مشيرًا إلى أن منح البنوك تمويلات لشركات التطوير العقاري، أدى إلى التعزيز من الشمول المالي من خلال جذب قاعدة عريضة من العملاء للقطاع المصرفي.
وتوقع "فهي" أن حجم محفظة التمويل العقاري ستشهد انتعاشة قوية خلال الفترة المقبلة، خاصةً بعد إطلاق البنك المركزي مبادرة بفائدة %3 مما يعزز من قروض الأفراد والشركات داخل القطاع المصرفي.