الخميس 25 ابريل

آراء وتقارير

وكالة بلومبيرج تعلن توقعات مثيرة للاقتصاد العالمي بعد جائحة كورونا


وكالة (بلومبرج) الأمريكية

روبوتات تستولي على الوظائف، تدخل أكبر للحكومات، تراجع للبلدان الفقيرة والسياحة والسفر وتضرر عمل المرأة 

صدمات جائحة كورونا ستحدث تغييرا دائما في الاقتصاد العالمي 

"أزمات الأوبئة" تسبب تغييرًا بعيد المدى ولا تحدث إلا مرة واحدة كل بضعة أجيال


أعدت وكالة "بلومبيرج" تقريرا عن التأثير المستقبلي للصدمات الاقتصادية التي تخلفها أزمات الأوبئة مثل أزمة "جائحة كورونا" وكشفت حقيقة ان "أزمات الأوبئة" تسبب تغييرًا اقتصاديا بعيد المدى ودائم ولا تحدث إلا مرة واحدة كل بضعة أجيال.

وأكدت الوكالة أن الاقتصاد العالمي يسير حاليا في طريقه نحو التعافي من حالة الركود، لكن موروثات أزمة جائحة كورونا (Covid-19) وما خلفتها ستؤثر على طبيعة "النمو العالمي" لأعوام كثيرة قادمة، وتوقعت الوكالة أن تزاحم الروبوتات الإنسان وتستولي على معظم الوظائف في المصانع والخدمات، بينما سيعاني العمال "ذوو الياقات البيضاء" لإيجاد فرص العمل، وسيزيد "عدم المساواة" بين البلدان وداخلها وتلعب "الحكومات" دورًا أكبر في الحياة العامة وتستدين وتنفق المزيد من الأموال.

فيما يشبه كتابة عقد اجتماعي جديد عادت إلى الظهور الحكومات الكبيرة للتدخل في حياة المواطنين فتتبعهم تحركاتهم وتدفع رواتبهم عندما يعجز صاحب العمل عن دفعها، حتى في البلدان التي اعتمدت على أفكار السوق الحرة لعقود طويلة، كان لا بد لها من إصلاح "شبكات الأمان" لمواطنيها.

ثمن التدخلات الحكومية

وفقا لشركة "ماكينزي وشركاه" حكومات العالم واجهت عجزًا في الميزانية وصل إلى (11) تريليون دولار هذا العام لدفع ثمن هذه التدخلات.

هناك نقاش حاليا حول إلى متى يمكن أن تستمر فيها الحكومات في تحمل هذا الإنفاق ومتى يعود دافعي الضرائب إلى سداد الفواتير، على مستوى الاقتصادات المتقدمة أسعار الفائدة المنخفضة بشدة والأسواق المالية الغير منضبطة لا تشير إلى أزمة على "المدى القريب"، أما على "المدى الطويل" فمن المؤكد أن تؤدي إعادة التفكير في الاقتصاد إلى تغيير التعامل مع الدين العام، وهناك إجماع أن الحكومات في "عالم منخفض التضخم" لديها مجال أكبر للإنفاق ويجب عليها استخدام السياسة المالية استباقي أكثر لدفع اقتصادها للأمام.

سجلت أسعار الفائدة مستويات جديدة وقياسية وعادت البنوك المركزية إلى عملية طبع النقود، ومن جانبهم كثف محافظو البنوك المركزية ووسعوا نطاق "التيسير الكمي" حتى يشمل ديون الشركات وديون الحكومات، كل هذه التدخلات النقدية خلقت أسهل الظروف المالية في التاريخ لجنون ما يسمى بالاستثمار المضارب، هذا النوع من الاستثمار الذي جعل المحللين قلقين بشأن المخاطر الأخلاقية على الاقتصاد العالمي في المستقبل.

الائتمان وأزمة الملاءة 

وفقًا لورقة نُشرت هذا العام على مدى التاريخ الأوبئة تخفض أسعار الفائدة لفترة طويلة وأكدت أنه بعد ربع قرن من الجائحة كانت المعدلات ستقل بنحو (1.5) نقطة مئوية مما كانت ستصبح عليه، ونتيجة للأزمة الحالية خلال وباء كورونا عرضت الحكومات الائتمان كشريان للحياة للشركات، مما أدى إلى ارتفاع مستويات ديون الشركات في جميع أنحاء العالم المتقدم، حيث يقدر "بنك التسويات الدولية" قيمة اقتراض الشركات غير المالية بـ (3.36) تريليون دولار خلال النصف الأول من 2020.

ووفقًا لتقرير جديد الظروف حاليا مهيأة "لأزمة ملاءة" كبيرة للشركات مع الانخفاض في الإيرادات على مستوى العديد من الصناعات بسبب الإغلاق أو تراجع الاستهلاك، يرى البعض أن تقديم الكثير من الدعم مع القليل من التمييز حول من يحصل عليه من الشركات يعد خطرا ويؤكدون انه وصفة لإنشاء شركات "زومبي" لا يمكنها البقاء في الاقتصاد الحر وتعمل فقط بمساعدة الدولة الأمر الذي يجعل الاقتصاد أقل إنتاجية.

البلدان الفقيرة

تفتقر البلدان النامية إلى الموارد اللازمة لحماية الشركات والوظائف وحتى الاستثمار في اللقاحات، ويقول صندوق النقد الدولي إن الدول النامية تخاطر بالخطر، كما يحذر البنك الدولي من أن الجائحة ستؤدي إلى ظهور نوع جديد من الفقر واضطراب الديون، واتخذت حكومات الدول (مجموعة العشرين) الدائنة بعض الخطوات للتخفيف من محنة المقترضين، لكنها تعرضت لانتقادات لأنها قدمت فقط "تخفيفًا محدودًا" للديون وفشلت في إشراك مستثمرين القطاع الخاص في الخطة.

مع حالة الاغلاق العام عادت "الأسواق المالية" للرواج بسرعة أكبر بكثير من "أسواق العمل"، كما يميل العمل "منخفض الأجر" في الخدمات إلى الاختفاء، وأدت الجائحة الفيروس إلى توسيع فجوة الثروة في البلدان النامية مع التحديات المجتمعية القائمة على الطبقية والعرقية والجنس.

عمل المرأة

تضررت النساء كثيرا خلال الجائحة فمن يعملن في مجال الصناعات التي واجهت صعوبات كان عليهن مع إغلاق المدارس تحمل الكثير من العبء الاضافي رعاية الأطفال الإضافي، وفي كندا على سبيل المثال انخفضت مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى أقل مستوى منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

الروبوت والبشر

أثارت جائحة كورونا (Covid-19) المخاوف بشأن الاتصال الجسدي في صناعات يكون فيها "التباعد الاجتماعي" أمرا صعبا مثل الضيافة أو تجارة التجزئة أو التخزين، وأحد الحلول المطروحة كان استبدال البشر بالروبوتات

ففي ظل الجائحة انتشر التسوق عبر الإنترنت وسرعت الشركات العمل على الروبوتات التي يمكنها تحصيل الرسوم في الأكشاك الخاصة بتحصيل الرسوم، أو تسجيل الضيوف في الفنادق، أو تقطيع السلطة في المطاعم، هذه الابتكارات ستؤدي إلى جعل الاقتصادات أكثر إنتاجية لكنها ستجعل أيضا بعض الوظائف غير موجودة مستقبلا.

وكلما طالت مدة بقاء الأشخاص خارج سوق العمل زادت إمكانية تراجع مهاراتهم وضمورها وهو ما يسمى "التخلف" 

أماكن العمل

يبدو أن العمل من المنزل قد اجتاز اختبار التكنولوجيا وقفزت المشاركة في منصة (Zoom) لمؤتمرات الفيديو إلى أكثر من ستة أضعاف هذا العام، الأمر الذي ما أعطى الموظفين وأصحاب العمل خيارات جديدة حيث أكدت إحدى الدراسات أنه في شهر مايو "ثلثي" الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية تم بواسطة أشخاص يعملون من المنزل، والمعروف أن العديد من الشركات طلبن من موظفيها الابتعاد عن المكتب حتى عام 2021، وأشار البعض من هذه الشركات إلى أنهم سيجعلون العمل مرنا بشكل دائم. وهو ما يعد مصدر قلق كبير للشركات التي تعمل في مجال البنية التحتية القديمة لحياة المكاتب مثل الطعام والعقارات التجارية وكذلك وسائل النقل.

كما أدى خيار العمل عن بعد والخوف من الجائحة إلى اندفاع سكان المدن إلى الريف وارتفعت أسعار العقارات الريفية في بعض البلدان.

السفر والترفيه

وفقًا للأمم المتحدة تراجعت السياحة العالمية بنسبة (72 ٪) حتى أكتوبر في العام وتوقفت بعض أنواع السفر فوفقا شركة "ماكينزي" ومع انتقال الاجتماعات إلى الانعقاد عبر الإنترنت فإن ربع رحلات العمل قد تختفي إلى الأبد.

يبدو أن الاتجاه السائد للمستهلكين على مستوى العالم في لتفضيل "التجارب" على البضائع قد تعطل مع إلغاء الأحداث الجماهيرية مثل الحفلات الموسيقية والمهرجانات وانقلاب الإجازات والمؤكد أنه عند استئناف الأنشطة مرة أخرى مستقبلا قد لا تكون هي نفسها.

عولمة القوة التصنيعية 

في بداية أزمة جائحة كورونا واغلاق المصانع الصينية كان ذلك بمثابة الصدمة لسلاسل التوريد على مستوى العالم وجعل الحكومات والشركات تعيد النظر في عولمة القوة التصنيعية في العالم، واتضح للسياسيين الذين يجزرون من خطر الاعتماد على استيراد السلع الحيوية على لأمن القومي، أن القنعة الطبية وأجهزة التنفس الصناعي كانت بالغة الأهمية هذا العام.

حماية البيئة 

قبل الجائحة كان دعاة حماية البيئة يرون أن ظهور السيارات الكهربائية يمكن أن يقلل الطلب العالمي على الوقود الأحفوري أكثر أنواع الوقود تلويثًا بشكل دائم، ولكن بعد الجائحة بدى أن العالم أصبح جادًا بشأن المناخ، مع بقاء الناس في منازلهم والطائرات على الأرض وشعرت حتى الشركات الكبرى العاملة في مجال النفط بتهديد حقيقي، بعد انتخاب "جو بايدن" الذي وعد بعودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس وأعلنت العديد من الحكومات عن خططها لحظر بيع السيارات التي تعتمد على البنزين والديزل الجديدة عام 2035.