كشف مسؤولو صندوق النقد الدولي عن الإجراءات التي يجب على مصر اتخاذها خلال الفترة القليلة المقبلة، وذلك خلال اجتماعات الربيع في واشنطن.
وأوضحت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، أن مصر ربما تحتاج إلى تعديل وتيرة تنفيذ مشاريعها الاستثمارية طويلة الأجل، التي تعتزم القيام بها، حيث قد تقوض استقرار الاقتصاد الكلي في ظل الظروف الصعبة الحالية، إذا استمر تنفيذها بالسرعة التي تم إقرارها من قبل في ظروف مختلفة.
وأشارت جورجيفا إلى أن صندوق النقد الدولي يستعد لإجراء مراجعة على برنامج مصر، مع تأكيد أن الاتفاق مع السلطات المصرية على برنامج سليم سيساعد في تحقيق نتائج جيدة، وذلك من خلال تطبيق سعر صرف مرن للجنيه، وتعزيز دور القطاع الخاص.
وعلى جانب آخر، يرى توبياس أدريان، رئيس إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، أن تعديل سعر صرف الجنيه أساسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مصر، وسيسمح بتطبيق السياسات النقدية المواتية للظروف المحلية، ويجدر بالبنك المركزي المصري أن يصل إلى مستهدف التضخم بشكلٍ أو بآخر، بعد تطبيق مزيج من السياسات النقدية والمالية لاستعادة الاستقرار للاقتصاد المصري، ومن المزيد من الخطوات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف.
وأكد صندوق النقد الدولي، في بيان صحفي، أن المباحثات مع مصر ستستمر افتراضيًا قبل بدء المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح المصري، واصفًا المناقشات الجارية في هذا الصدد بأنها مثمرة.
وتشير التقارير إلى أن هناك توقعات بانخفاض قيمة الجنيه المصري بشكل سريع في نهاية شهر رمضان أو بعد انتهائه، حيث يتوقع بعض المشاركين في السوق العالمية أن تسمح الحكومة المصرية بذلك.
ويعزو الخبراء هذه التوقعات إلى حاجة مصر إلى زيادة عائدات الصادرات وتحفيز السياحة، وتوقعات بزيادة الإنفاق في المستقبل القريب، ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تداعيات سلبية، مثل ارتفاع أسعار السلع وتراجع قدرة المستهلكين على شراء السلع الأساسية.
ويشير البعض أيضاً إلى أن خفض قيمة العملة وحده لن يكفي لتحسين التدفقات، وأن هناك حاجة إلى إجراءات أخرى تهدف إلى تحسين الأداء الاقتصادي بشكل عام.
ويأتي هذا في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، وخاصةً مع تفشي جائحة كورونا التي تسببت في تراجع النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة، وتزايد الدين العام، وتراجع الاحتياطيات النقدية.
وفي هذا السياق، تتوجه الأنظار إلى خطط الحكومة المصرية لمواجهة هذه التحديات، وإلى التعاون المستمر بين مصر وصندوق النقد الدولي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد.
وتمتلك مصر علاقة طويلة الأمد مع صندوق النقد الدولي، وقد وقعت الحكومة المصرية عدة اتفاقيات مع المؤسسة على مدار السنوات العشر الماضية، بدءاً من عام 2008.
ويذكرأنه في عام 2016، قامت مصر بإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وذلك بهدف تعزيز الاقتصاد المصري الذي كان يعاني من اضطرابات عديدة، وفي السنوات التالية، تم الإفراج عن جزء من هذا القرض في دفعات متتالية، مع شروط اقتصادية محددة.
وفي عام 2020، تم الإعلان عن اتفاق جديد بين مصر وصندوق النقد الدولي، بقيمة 5.2 مليار دولار، وتم توجيه هذا القرض لمساعدة الحكومة المصرية في مواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19، وتحسين الإصلاحات الهيكلية في البلاد، مثل تحسين إدارة الديون العامة وتعزيز القطاع الخاص.
وتتضمن الشروط التي شملها الاتفاق الأخير تحسين الميزانية العامة وتعزيز الشفافية المالية، بالإضافة إلى تحرير الأسعار وتحسين مناخ الأعمال، وتحسين الخدمات الاجتماعية والتنموية.
ويعتبر هذا الاتفاق مهماً جداً للاقتصاد المصري، حيث يمكنه دعم النمو الاقتصادي في البلاد وتوفير فرص العمل، وتعزيز الاستثمارات وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
وكانت هناك بعض الإجراءات التي طلبها صندوق النقد الدولي من مصر لتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد، والتي قامت الحكومة المصرية بتنفيذها بما في ذلك:
1- قرار بتعويم الجنيه المصري والسماح للعملة بالتحرك بشكل حر مقابل الدولار وغيرها من العملات، وهذا الإجراء أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه بشكل حاد، ولكنه أيضاً ساعد على تحسين قدرة الصادرات المصرية على المنافسة في الأسواق العالمية.
2- تخفيض دعم الوقود والكهرباء والمياه وغيرها من السلع الأساسية، وهذا الإجراء أدى إلى زيادة أسعار تلك السلع وأثر على المواطنين المصريين بشكل خاص، لكنه ساعد على تقليل العجز في الميزانية الحكومية.
3- تقليص الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات المالية، وهذا يشمل تقليص الدعم الحكومي للشركات الحكومية وتحسين جباية الضرائب والرسوم والجمارك.
4- تعزيز الشفافية وتحسين إدارة الاقتصاد المصري وتنفيذ إصلاحات قانونية وإدارية لتحسين مناخ الأعمال في مصر.