شهدت صناعة الاستثمار المباشر خلال السنوات الأخيرة، تباطؤ ملحوظ، جراء التحديات التي فرضتها الأزمة الاقتصادية؛ وعلى الرغم من ذلك لا تزال السوق المصرية محط أنظار شريحة كبيرة من الصناديق والمؤسسات الخارجية، بدعم توجهات الدولة الراهنة صوب مشاركة القطاع الخاص مع تقديم حزمة من المحفزات والإعفاءات التي تساعد على خلق بيئة خصبة لمزيد من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة.
وفي السياق ذاته، قدم الدكتور عماد برسوم، المؤسس العضو المنتدب لشركة ازدهار للاستثمار المباشر، روشتة علاج لتفعيل صناعة الاستثمار المباشر ودخولها الخدمة، وجلب المزيد من العملة الصعبة.
وبرز "برسوم" التحديات التي تواجه صناعة الاستثمار المباشر، في السوق المصرية والتي تواجه تحديات كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تحمل العديد من التحديات على الدول كافة، وعلى الأخص البلدان الناشئة التي تشهد مرحلة صعبة بضغط التفاقم المتزايد في معدلات التضخم والبطالة وتقلبات سعر الصرف، تلك العوامل التي أثرت سلبًا على جاذبية هذه الأسواق للاستثمارات الخارجية، ومنها السوق المصرية، فرغم تنامي الفرص الاستثمارية بأغلب القطاعات ما زالت تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية منخفضة نسبيًا مقارنة بهذا التنامي في الفرص الاستثمارية.
وأكد "برسوم" على أهمية استعادة ثقة المؤسسات الاستثمارية والصناديق بالسوق المصرية، والعمل على خلق بيئة خصبة للاستثمار تضمن الخروج الآمن للأموال وتفتح الباب أمام القطاع الخاص بجميع القطاعات، وتفعيل وثيقة ملكية الدولة وإعلان الدولة التخارج من بعض القطاعات عبر دعم مشاركة القطاع الخاص وخلق بيئة تنافسية بالقطاعات الحيوية، وإقرار حزمة من القرارات التحفيزية التي تهدف إلى تيسير عملية الاستثمار مع خلق المرونة في سعر الصرف الحقيقي وعودة السيولة لسوق النقد الأجنبي، بجانب تيسير الإجراءات والحصول على التراخيص والموافقات التي ما زالت تتطلب المزيد من الوقت.
وكشف مؤسس شركة ازدهار للاستثمار المباشر، عن اتجاه العديد من الصناديق والمؤسسات إلى التخارج من السوق المصرية، بعد سلسلة الأزمات التي شهدها الاقتصاد المصري على مدار السنوات الأخيرة، بحثًا عن ملاذات استثمارية آمنة في ظل التقلبات الاقتصادية التي تجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، وهو ما أثر بشكل كبير في شح السيولة الأجنبية وتصاعد الضغوط على الجنيه، الذي دفع الحكومة المصرية إلى اتباع سياسة التشدد النقدية، إذ رفع البنك المركزي الفائدة نحو 7 مرات منذ اندلاع الأزمة لاحتواء هذه التداعيات.
ولفت إلى أهمية الاعتماد على البورصة المصرية، أحد سُبل تخارج الاستثمارات المباشرة، قائلاً: إن الأداء العام للبورصات يعد مؤشرا رئيسيا لجاذبية السوق للاستثمارات الخارجية، باعتباره أحد سبل تخارج الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فدائمًا ما تنظر الصناديق والمؤسسات الخارجية لأسواق الأسهم بشكل مستمر لمعرفة مدى جاذبية هذه الأسواق للشركات، والتعرف على الخطط التوسعية للكيانات المقيدة، والقوة الشرائية للأفراد والمؤسسات المحلية.
وأوضح أن البورصة المصرية عانت بضغط التقلبات الاقتصادية من شح في السيولة بسبب تدني معدلات الطلب وتخارج الاستثمارات، بحثًا عن أوعية ادخارية أقل مخاطرة بجانب تدني عدد الأوراق المالية المتداولة وضعف دور البورصة التمويلي، بسبب إرجاء جميع الطروحات الحكومية والخاصة.، فان تدني عدد الطروحات والأكتتابات العامة مؤشر غير إيجابي، مما يجعل البورصة المصرية وسيلة غير فعّالة للتخارج من الأستثمارات في وقتنا الحالي.
وقال إن البورصة فى الأسابيع الماضية بدأت في الانتعاش من جديد بدعم العديد من العوامل، منها بدء دخول المؤسسات المحلية والأفراد في السوق للتحوط من مخاطر تقلبات قيمة العملة فى ظل رغبة المستثمرين فى الحفاظ على القيمة الاستثمارية من العملة.
وعلى صعيد آخر، كشف الدكتور عماد برسوم، المؤسس العضو المنتدب لشركة ازدهار للاستثمار، عن دراسة إطلاق صندوق جديد للاستثمار فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالعملة المحلية، فى ظل معاناة الشركات بجميع القطاعات حاليا، في توفير التمويل، بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض من القطاع المصرفي في ظل زيادة أسعار الفائدة من ناحية، وضعف الأداء العام لبورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التمويل المنوط لهذه الشريحة من الشركات، كما أن عزوف المستثمرين الأجانب عن ضخ استثمارات بشكل مباشر أدى إلى انخفاض عدد الصناديق الاستثمارية المطروحة بالعملة الصعبة.
ونوه برسوم، إلى أن هناك عدة عوامل دفعت "ازدهار" لدراسة إطلاق صندوق جديد بالجنيه المصري، إذ بدأت الشركة بالفعل فى الترويج للصندوق والتفاوض مع المؤسسات والبنوك المحلية للمساهمة في رأسمال الصندوق، ومن المتوقع الانتهاء من الجولة الترويجية الأولى للصندوق بنحو مليار جنيه بنهاية الربع الأول من العام المقبل، ثم زيادة حجم الصندوق فيما بعد إلى 2 مليار جنيه بنهاية العام نفسه، وهو ما يعزز من قدرتنا على ضخ المزيد من التمويلات بالشركات العاملة بالسوق المصرية، وكيفية استثمارها بالشكل الصحيح الذي يتلاءم مع الظروف الراهنة وكيفية الاستفادة من عملية الدراسة والاستثمار، على حد قوله.
يذكر أن شركته تمتلك محفظة استثمارية قيمتها 300 مليون دولار، من خلال صندوق “ازدهار”1 و “ازدهار2″، حيث تم استثمار كامل رأس مال صندوق “ازدهار 1” فى 7 شركات متنوعة، بجانب البدء فى ضخ استمارات من رأسمال الصندوق “ازدهار2” في الاستحواذ على حصص بـ5 شركات فى عدة قطاعات، بدات بالفعل من تنفيذ صفقة استحواذ على حصة 60% في سلسلة “زهران ماركت”، ومن المستهدف ضخ نحو 50 مليون دولار (بما يعادل 1.5 مليار جنيه تقريبًا) في تنفيذ الصفقات الخمس الجاري دراستها حاليًا، على أن يتم استثمار كامل رأسمال الصندوق قبل نهاية 2024، وذلك على غرار صندوق “ازدهار 1” الذي نجحت الشركة في إغلاقه كأول صندوق لها من مؤسسات مالية خارجية، وعند التخارج من شركات محفظة حينها حقق الصندوق عائدا قويا من الأرباح أدى إلى زيادة رغبة المستثمرين في الدخول في صندوق “ازدهار 2”.
واختتم برسوم، بأن شركته تضع خطة مرنة للتعامل مع الأزمات المتتالية، وهو دور شركات الاستثمار المباشر والتي تعتمد إستراتيجيتها بشكل عام على اقتناص الفرص رغم الأزمات، ولكن يظل عدم استقرار سعر الصرف هو العائق الأكبر أمام ضخ استثمارات جديدة، وترتكز خطتنا الاستثمارية على دراسة الفرص بالقطاعات قادرة على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية.