شاركت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، رئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، في جلسة تحت عنوان "الاتجاهات الاقتصادية الكلية في عام 2024" خلال الندوة التي عقدتها مجموعة بورصة لندن، والتي تدور حول مستقبل وتحديات الأسواق المالية والثروات في مصر والمؤشرات الاقتصادية العالمية والمحلية.
جاء ذلك بحضور أيمن سليمان الرئيس التنفيذي للصندوق، وأدارت اللقاء ياسمين صالح رئيسة تحرير موقع زاوية عربي، وفقا لما ذكره بيان لوزارة التخطيط.
وخلال كلمتها، أكدت هالة السعيد حرص الدولة والحكومة المصرية عند إطلاق الخطط والبرامج فإنها تتم بشكل تشاركي مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديميين ومراكز الفكر، موضحة استغلال الحكومة المصرية لفترة جائحة كوفيد في إطلاق حوارات مجتمعية مع شركاء التنمية للخروج بخطة إصلاح هيكلي حقيقي، مع دراسة كل القطاعات المختلفة والتي تركز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي الثلاثة لزيادة وزنها في الاقتصاد والمتمثلة في قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والذين يجعلون الاقتصاد المصري إنتاجيا، وبالتالي يمكن زيادة حصة الصادرات لتصبح أكثر تنافسية بما يساهم في تعزيز موارد الدولة المستدامة من صادرات القطاع الحقيقي.
وأضافت الوزيرة أن الدولة تمتلك قطاعين يمتلكان ميزة تنافسية، وهما قطاعا السياحة واللوجيستيات، من خلال موقع مصر الجغرافي والاستثمارات التي تمت في البنية التحتية، موضحة أن ذلك يعد المحور الأساسي في خطة الإصلاحات الهيكلية بزيادة وزن القطاعات الثلاثة الأساسية، حيث يبلغ وزنهم النسبي حوالي 25% ليصلوا إلى 35% من حجم النمو، وبالتالي يصبح الاقتصاد أكثر قدرة، موضحة أنه بفضل الجهود المبذولة خلال الفترة الماضية، تم الوصول بالوزن النسبي من 25% إلى 30%، ومستهدف الوصول إلى 35% بنهاية عام 2026، والتي تمثل المدة متوسطة المدى في خطة الإصلاح.
وتابعت هالة السعيد الحديث حول المحور الثاني من خطة الإصلاح الهيكلي والمتمثل في تعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسي في التنمية، موضحة أنه المستهدف أكثر من تريليوني جنيه استثمارات كلية للعام الحالي ضمن مؤشرات حجم الاقتصاد الكلية في الاقتصاد المصري، حيث تم البدء منذ 3 سنوات بنسبة 27% استثمارات قطاع خاص لترتفع إلى 32%، ومستهدف أن تصل بنهاية العام الحالي إلى 36%، ثم 48% العام المالي القادم 2024/2025.
وأشارت إلى التدهور في البنية التحتية في أعقاب ٢٠١١، الأمر الذي اضطر دخول الدولة المصرية بمؤسساتها بحجم كبير من الاستثمارات في هذه الفترة، حيث تم الرفع من مستوى البنية التحتية لتمتلك مصر الآن أفضل شبكة طرق، وعددا كبيرا من الموانئ، فضلًا عن تحويل مصر إلى مركز لوجيستي عالمي، موضحة أن دخول الدولة المصرية لرفع مستوى البنية التحتية يرجع لسببين: أولهما توفير جودة حياة للمواطن المصري بتوفير خدمات أفضل، والثاني هو استحالة دخول استثمارات القطاع الخاص في دولة غير متوفر بها شبكة طرق وموانئ جيدة للتواصل مع العالم في التجارة الخارجية، مما دفع إلى ضرورة الاستثمار في كل تلك المجالات.
وتابعت هالة السعيد الحديث حول وثيقة ملكية الدولة التي تحدد تخارج الدولة من قطاعات معينة مع إطلاق عدد من الشركات التي تطرحها الدولة للتخارج منها، بالإضافة إلى إنشاء صندوق مصر السيادي كذراع استثمارية مهمة للمساعدة في دخول وتشجيع القطاع الخاص من خلال دراسة الصندوق للمجالات المختلفة وتحويل المشروعات المختلفة إلى منتج استثماري ثم يطلقه للقطاع الخاص، كما أشارت إلى تنظيم لجنة خاصة بالحياد التنافسي لتنظيم العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص وتحديد مستوى التنافسية بينهم.
وتناولت أبضا الحديث حول المحور الثالث من محاور خطة الإصلاح الهيكلي والمتمثل في كفاءة سوق العمل، موضحة أن مصر دولة يرتفع بها حجم السكان وتتمتع بارتفاع نسبة الشباب بين سكانها، مما يؤكد أهمية سوق العمل، وخاصة سوق العمل الديناميكية المتطورة، مؤكدة حرص الدولة حاليًا على التركيز على مخرجات العملية التعليمية، ومعلنة عن إطلاق أول منظومة لسياسات سوق العمل في سبتمبر القادم والتي تعمل على تحديد المهارات والتخصصات التي تحتاجها سوق العمل، إلى جانب زيادة نسبة التعليم الفني والمهني، وكذلك زيادة نسب الدراسات البينية، مع العمل على تطوير منظومة التعليم الفني وربطها بالشراكة مع القطاع الخاص، موضحة دور القطاع الخاص في تحديد المهارات والكفاءات المطلوبة في التخصصات وبالتالي ربط كل المدارس التكنولوجية والفنية بالتخصصات المطلوبة وذلك في ظل التكنولوجيا المتطورة والوظائف المستقبلية المتغيرة، مما يستدعي وجود نظام تعليمي متطور يركز على التكنولوجيا.
وأضافت هالة السعيد أن المنطقة تمر بتحديات جيوسياسية، وتعد مصر الأكثر تعرضًا لتلك الأزمات مما أثر على قطاع السياحة خلال نصف العام من العام، موضحة أن معدلات السياحة في مصر اذا استمرت بنفس نهج النصف الأول من العام لكانت هذه هي أعلى معدلات تصل إليها مصر في القطاع، الأمر الذي لم يتم نتيجة للأزمة الجيوسياسية، وبالتالي تعمل على الدولة على تنويع الأنشطة السياحية للحفاظ على المعدلات، مشيرة كذلك إلى تأثر قطاع الصناعة كذلك بالاضطراب في سعر الصرف في النصف الأول من العام، ومنوهة إلى التوقعات بعودة النمو لقطاع الصناعة للوصول إلى 6% مع تخطي قطاع الزراعة نسبة 4% إلى جانب عمليات التطوير التي تتم بقطاع الزراعة والتي تشمل التطوير الرأسي والأفقي وتجميع المحاصيل المزروعة إلى جانب الاستزراع في المناطق الصحراوية، مما يسهم في زيادة المساحات المزروعة وعملية النمو في القطاع.
وتناولت الوزيرة الحديث حول قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتي تبلغ نسبته إلى 16.5 إلى 17%، موضحة أن مساهمة القطاع في النمو بلغت 3%، ومستهدف أن تصل إلى 5% مما يدفع معدلات النمو للارتفاع.
وأضافت د. هالة السعيد أنه كان من المستهدف تحقيق معدلات نمو تصل إلى 4% خلال العام الحالي إلا أنه نتيجة للتغيرات الجيوسياسية فمن المتوقع تحقيق ما بين 2.9 إلى 3%، مضيفة أن العام القادم مستهدف تحقيق معدل نمو 4.2%، مؤكدة أهمية أن يكون النمو متنوع يعتمد على أكثر من قطاع، وكذلك تأثير معدلات النمو على معدلات التشغيل، موضحة أن معدلات البطالة بلغت 6.9%، ومستهدف ألا تزيد النسبة للعام الحالي والقادم، متابعة أن معدلات النمو في اللوجيستيات تبلغ 6.7%، وهي معدلات مرتفعة مع التطوير الكبير الذي يتم سواء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أو القطاعات المختلفة في الموانئ وقطاعات النقل.
وأوضحت أن استقرار سعر الصرف حاليًا ساهم بشكل كبير على الاتجاه النزولي في الأسعار، مؤكدة أن الفترة القادمة بالتعاون مع التجار واتحاد الغرف التجارية واللقاء المستمر معهم ومع اتحاد الصناعات، إلى جانب دخول الدولة بضخ المزيد من السلع في المنافذ والسياسة النقدية التشددية التي يتم انتهاجها من قبل البنك المركزي ستساهم جميعها في كبح جماح التضخم ومن المتوقع اتجاه التضخم إلى الانخفاض خلال العام المالي القادم.