الخميس 26 ديسمبر

آراء وتقارير

العالم متأهب بسبب توقف الملاحة بقناة السويس


قناة السويس

تسبب توقف حركة الملاحة بقناة السويس في حدوث اضطراب على مستوى العالم، وذلك بعد أن علقت سفينة الحاويات "إيفر جيفن" البالغ طولها (400) متر، لتكون بذلك أكبر من سفينة تايتنيك البالغ طولها (269) متر، وأطول من برج ايفل البالغ (324) متراً.

وتتضافر الجهود حالياً لإعادة سفينة الحاويات العملاقة إلى مسارها في الممر المائي، وسط أقاويل تفيد بوصول فرق إنقاذ متخصصة إلى الممر الملاحي لتعيد السفينة إلى مسارها مما دفع الخبراء لتوقع أن هذه الأزمة لن تتجاوز اليومين، ولكن مع استمرار تعطل الحركة الملاحية لمدة أكثر من يومين قد يعيد حسابات الخطوط الملاحية العالمية.

تعد قناة السويس ممرا حيويا لتدفق الطاقة بين شمال وجنوب العالم. حيث يتم الاعتماد على القناة بشكل رئيسي لنقل نفط الشرق الأوسط إلى أوروبا والولايات المتحدة، ونقل الوقود المكرر من الشمال إلى الجنوب، لذلك فإن العالم متخوف من أن تتسبب هذه الأزمة في حدوث اضطرابات في سلاسل إمدادات الطاقة العالمية، ووفقا لـ"مارين ترافيك" المتخصص في تعقب حركة السفن والشحن البحري، قد تضطر شركات التكرير الأوروبية والأميركية التي تعتمد بشكل أساسي على الممر المائي الحيوي لشحن نفط الشرق الأوسط، إلى البحث عن خيارات بديلة قد تكون أعلى تكلفة، بالإضافة إلى ما قد تتسبب فيه الأزمة من توقف إمدادات النفط الخام من حقول بحر الشمال المتجهة إلى آسيا.

وعلى الجانب الآخر، يبحث البعض في وجود طرق بديلة عن قناة السويس، حيث أشار "راليف ليزكزينسكي"، رئيس أبحاث بشركة "شيب بروكر بانشيرو" إلى وجود طرق تجارة عديدة يمكن أن يسلكها المستوردين الأوروبيين كبديل عن قناة السويس، كما قال بعض السماسرة الملاحيين: " المشترون من أوروبا والولايات المتحدة يمكنهم الآن التوجه إلى مناطق أخرى بما في ذلك، خليج الولايات المتحدة وبحر الشمال وروسيا وغرب أفريقيا"، وتشمل البدائل أيضا خام "Mars Blend" من الولايات المتحدة ومزيج خام "Urals" من روسيا.

تأتي أزمة إغلاق القناة وسط تراجع خام برنت (6%) يوم الثلاثاء وسط مخاوف من ضعف الطلب على المدى القريب تأثراً بعودة الإغلاقات بسبب كورونا، كما تذبذبت الأسعار يوم الأربعاء، حيث تنتظر ما لا يقل عن 100 ناقلة عبور المجرى الملاحي.

ووفقاً لشركة "مارين ترافيك" المتخصصة في تتبع حركة الشحن البحرية في العالم، فإن السفن العالقة في قناة السويس تحمل بضائع حيوية ومن الممكن أن يؤدي تأخيرها إلى الكثير من المشاكل لحركة التجارة العالمية ويؤثر على خطط الشركات والمصانع.

كما أشارت وحدة الأبحاث "فيسيل فايندر" إلى وجود مخاوف من طول مدة اغلاق الممر الملاحي حيث أنه حتى الآن فإن القاطرات والحفارات فشلت في إخراج سفينة الحاويات الضخمة من الممر.

وأشار المحلل "غريغ نولير"، من مجموعة "جي أو سي" التابعة لـ "IHS Markit" إلى أن التأخير لمدة يومين سيؤدي إلى زيادة اضطرابات سلاسل التوريد وبالتالي إبطاء تسليم البضائع للشركات في المملكة المتحدة وأوروبا مضيفاً أنه غير واضح متى ستعود حركة الملاحة في الممر الذي يمر به نحو (12%) من حركة التجارة العالمية.

ويري "روي جونستون"، المدير العام لشركة الاستثمارات برايس ستريت، أن الإغلاق سيؤثر على تسليم النفط مما يؤدي لرفع الأسعار، حيث يمر عبر القناة نحو مليون برميل من النفط بصورة يومية، ولكن هذا التأثير على الأسعار سيزول في الوقت الذي يتم فيه حل أزمة السفينة العالقة، متوقعاً أن الأزمة لن تطول على الرغم من صعوبة تعويم سفينة بهذا الحجم.

وأشار جونستون أن قناة السويس يمر خلالها يومياً نحو (10%) من نفط العالم، ولذلك فإن تكلفة ومصاعب شحن النفط عبر طرق بديلة سيتحملها المستهلك في حال تم الإغلاق لوقت طويل لافتاً إلى طريق رأس الرجاء الصالح بديل للسفن في حالة طالت مدة الأزمة إلى أسبوع، مما سيؤثر على سلاسل التوريد الأخرى بخلاف النفط.

 يُذكر أن قناة السويس أُغلقت أمام الملاحة أكثر من مرة، حيث كان أولها في عام 1882، لأقل من أسبوع في أعقاب الثورة العرابية، ومع بداية الاحتلال البريطاني، كما أغلقت للمرة الثانية ليوم واحد عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى.