أكد الدكتور مصطفى مدبولي اليوم الثلاثاء أن الحكومة سددت بالفعل ما يتراوح بين 20% و25% من مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في مصر.
وأشار في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس الوزراء إلى أن هناك تكليفات صادرة إلى وزير البترول والثروة المعدنية الجديد بأن يجتمع مع جميع الشركات ويضع خطة لجدولة كل المتأخرات، وهو ما تم بالفعل خلال اليومين الماضيين، حيث عقد بالفعل اجتماعات مع رؤساء الشركات، والشركاء الأجانب في مصر، لوضع هذه الخطة، وسيتم عرضها على رئيس مجلس الوزراء، وهناك اتجاه بالفعل لسداد المستحقات القادمة مع القيام بجدولة المتأخرات في الوقت نفسه.
وأشار مدبولي إلي أن هذا الموقف مرت به مصر أيضا خلال عام 2016 والذي وصلت المتأخرات خلاله إلى 6 مليارات دولار، وقضينا أربع سنوات في سدادها حتى 2020، ولذا، فهناك مصداقية لدى الشركات من أن الدولة تقوم بسداد مستحقاتها، موضحا أنه طلب من الوزير أن يتم الانتهاء من الخطة المطلوبة لجدولة المتأخرات خلال الشهر الأول بعد تكليفه، على أن نلتزم بها بعد مناقشتها خلال الفترة المقبلة.
وحول قضية الكهرباء، قال مدبولي إنه لا سبيل أمام الدولة في طريقها لإصلاح المنظومة الاقتصادية والمالية سوى التحرك التدريجي في أسعار بعض الخدمات، وسيتم وضع خطة في هذا الشأن، منوهًا إلى أن الأهم في الوقت الراهن هو حل مشكلة الكهرباء القائمة، وكذلك بعض الخدمات الأخرى التي يشكو منها المواطنون.
وأضاف : سبق وأن أعلنت في مؤتمر صحفي أننا سوف نتحرك على مدار عام ونصف العام بهدوء وتدرُّج مدروس وفي توقيتات محددة لتحريك تلك الأسعار؛ بغية سد الفجوة الكبيرة الموجودة الآن.
وأوضح مثالا في هذا الشأن أن تكلفة لتر السولار التي تتحملها الدولة اليوم تُمثِّل 20 جنيهًا، في حين يتم بيعه بـ 10 جنيهات فقط، لذا، لا بُد من التحرك بهدوء حتى تتمكن الدولة من تحقيق التوازن وتقديم قدر الدعم الذي بإمكانها تحمُّله، وهذا ما تنويه الدولة في غضون المرحلة القادمة، ولكن الأهم حل المشكلات التي تؤرق المواطن حاليًا، وفي مُقدمتها مشكلة الكهرباء.
وتابع: قد أوضحت ذلك بمنتهى الشفافية، فالدولة لن تتحمل مئات المليارات من الدعم التي تحملتها على مدار عام ونصف عام لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن، وعلى أمل انتهاء الأزمات التي زادت تعقيدًا، مشيرًا إلى أن الموازنة العامة تكبدت أعباءً عديدة للغاية، لذا فاليوم نحتاج، تدريجيًا وعلى مدى زمني ليس بالقصير، أن نحاول تعويض جزء من الدعم الكبير الموجود حاليًا، حتى يصبح بقيمة معقولة بالنسبة للدولة.
وحول تساؤل عن وجود خطة لدى الحكومة لمواجهة الزيادة السكانية المُطردة التي تمثل أحد التحديات أمام عملية التنمية في مصر، أوضح رئيس الوزراء أنه لا يُعارض ما يُقال بأن الزيادات السكانية تُعد نقطة قوة وليست ضعفًا، قائلًا: هذا أمرٌ حقيقي، ولكن أحيانًا تحتاج الدولة إلى فترة لمعالجة المشكلات المُزمنة التي تواجهُها، وتغدو قادرة على تلبية متطلبات الأجيال المستقبلية.
وأضاف: هذا ما فعله عددٌ من الدول التي لديها عدد سكان كبير؛ كالصين وغيرها؛ حيث اتخذت تلك الدول، في مرحلة مُعينة، جملة من الإجراءات لمواجهة الزيادة السكانية حتى يتسنى لها تخطي الأزمات والتحديات الاقتصادية.
واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي: لدينا في مصر تحد كبير للغاية وهو الموارد الطبيعية لدى الدولة، وعلى رأسها "المياه"؛ مشيرًا إلى أن حصة مصر من المياه تشهد ثباتًا منذ عشرات السنين.
وأوضح في هذا الصدد أنه منذ ثورة يوليو عام 1952، كان عدد سكان مصر أقل من 20 مليون نسمة، ويُخصَص له حصة المياه ذاتها الموجودة اليوم، وبالتالي فنصيب الفرد من الأراضي الزراعية كان أكبر بكثير في ذلك الوقت، ومن ثمّ ضمان تحقيق الأمن الغذائي.
وتابع رئيس مجلس الوزراء: نفس كمية المياه الآن أضحت مُوزَعة على ما بين 110 إلى 115 مليون نسمة، وهو ما مثَّل تحديًا أمام الدولة وجعلها تطلق عددًا هائلًا من المشروعات لتحقيق الأمن المائي؛ مثل إعادة تدوير المياه.
وقال في الإطار ذاته: دعونا نُفكِّر إذا أصبح عدد السكان في مصر ما بين 150 إلى 200 مليون نسمة، فما الحل؟... فالحل هو تنظيم الزيادة السكانية خلال فترة زمنية معينة بما يُمكِّن الدولة من سد الفجوات الموجودة اليوم، ومن ذلك نقص عدد الفصول، وعجز المنشآت الصحية، وغيرهما. وبذلك يمكن للدولة سد كل تلك الفجوات، وبعدها يكون لدينا القدرة لعودة الزيادة السكانية الطبيعية.
وحول تعامل الحكومة مع مشكلة النقص في بعض الأدوية، أشار رئيس الوزراء إلى أن قطاع إنتاج الدواء جزء كبير منه هو عبارة عن شركات خاصة، قائلا:" بالفعل الدولة لها تواجد من خلال الشركات القابضة وبعض الشركات المملوكة للدولة، ولكن الجزء الأكبر من هذا القطاع هو مملوك للقطاع الخاص"، مضيفاً أن المشكلة الحقيقية في تسعير الأدوية في مصر، مؤكداً حرص الدولة على تثبيت سعر الدواء، لافتا إلى الإجراءات المتخذة في هذا الشأن، والتي جعلت سعر الدواء المصري من أرخص الأسعار على مستوى العالم، ونتيجة لذلك هناك العديد من الضبط لعمليات التهريب للدواء المصري من خلال أجهزة وزارة الداخلية والجهات المعنية، وذلك بالنظر لانخفاض سعر الدواء المصري بنحو من 20 إلى 50 ضعفا عن الأسعار العالمية.
ونوه رئيس الوزراء إلى القدرة بالتنسيق مع شركات الأدوية بالقطاع الخاص بالوصول إلى عملية التوازن، لكن الذي يتحكم في إنتاج الدواء المواد الخام التي يتم استيرادها، لافتا إلى جهود الدولة لتوفير العملة الأجنبية للشركات المنتجة بالسعر الرسمي، على الرغم من وجود سوق موازية لتوفير العملة الأجنبية في هذا الوقت، وذلك في مقابل توفير الدواء، ومع تطبيق الإجراءات التصحيحية وتوحيد سعر الصرف، تم الاتفاق مع الشركات على تحريك محسوب ودقيق بنسب مقبولة للأدوية، مشيراً إلى تدخل الدولة من خلال هيئة الدواء ووضع خطة لتطبيق هذا التحريك في أسعار لبعض المجموعات الدوائية حتى آخر العام، وذلك بما يضمن عدم حدوث أي نقص في الأدوية خلال الفترة المقبلة.
وأكد المتابعة المستمرة لهذا الملف ومختلف عمليات الإنتاج، وصولا للانتهاء من مشكلة النقص خلال الأسابيع القليلة القادمة.
وفي سؤال حول الصناعة وخطة تشغيل المصانع المتعثرة خلال السنوات القادمة، نوه رئيس مجلس الوزراء عن أن هذا الموضوع سيتحدث فيه باستفاضة كبيرة الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، وأشار إلى أنه وفقًا لبرنامج الحكومة فإن الصناعة تأتي على رأس الأولويات خاصةً موضوع المصانع المتعثرة.