الأثنين 23 ديسمبر

سيارات

تحول الصين للسيارات الكهربائية يلقى بظلاله على معدلات استهلاك النفط عالميا


سيارات تسير في أحد شوارع بكين

تشهد الصين تحولًا ملحوظًا نحو السيارات الكهربائية، لكن كيف يؤثر ذلك على الطلب على الوقود في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم؟

ومع تصاعد عدد السيارات الكهربائية على الطرق الصينية، يتراجع استهلاك الوقود التقليدي، مما يعني نظريا تأثير سلبيا على الطلب على النفط في واحد من أكبر أسواق السيارات في العالم، فيما يمكن أن يكون للانتقال إلى السيارات الكهربائية تأثير طويل الأمد على أسواق النفط، مما يضع تحديات جديدة أمام الصناعة النفطية ويعيد تشكيل توازن العرض والطلب العالميين.

وفي هذا السياق، قال محللون في بنك غولدمان ساكس، إن الطلب على النفط في الصين تباطأ بشكل ملحوظ هذا العام وسط تحول البلاد إلى السيارات الكهربائية والغاز الطبيعي.

تقدر الشركة أن نمو الطلب على النفط في البلاد سينخفض ​​إلى 200 ألف برميل يوميا العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، مع انخفاض الاستهلاك الإجمالي بنحو 300 ألف برميل يوميا.

وقال المحللون إن التحول من السيارات التي تعمل بالغاز إلى السيارات الكهربائية والهجينة أدى وحده إلى خفض الطلب بنحو 500 ألف برميل يوميا.

وبحسب تقرير لـ "بيزنس انسايدر" اطلع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" عليه، فقد شهد قطاع السيارات الكهربائية في الصين توسعًا سريعًا، حيث حققت ثلاث من أكبر شركات صناعة السيارات الكهربائية مبيعات قياسية في يونيو.

ووجد تقرير صدر الشهر الماضي أن شركات السيارات الكهربائية الصينية تلحق بشركة تسلا الرائدة في الصناعة - بل وتتفوق عليها - عندما يتعلق الأمر بالابتكار.

على سبيل المثال، سجلت شركة "بي.واي.دي" الصينية ارتفاعا بواقع 21 بالمئة في مبيعات السيارات الكهربائية في الربع الثاني من العام، مما أسهم في تقليص الفجوة مع تسلا بعد أن أعادت الشركة الصينية لقب أفضل شركة للسيارات الكهربائية في العالم لمنافستها الأميركية في الربع الأول.

ويأتي تباطؤ أسعار النفط في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الصيني تباطؤا في جميع المجالات، مع تعثر قطاع العقارات وضعف ثقة المستهلكين .

في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أكدت أستاذة الاقتصاد والطاقة في القاهرة، الدكتورة وفاء علي، أنه "لا شك أن هناك تقييمات متفاوتة بين الطلب على النفط وصناعة السيارات الكهربائية في الجانب الصيني. ومع ذلك، فإن الصين تسير بوتيرة قوية نحو وجود 140 مليون سيارة كهربائية على الطريق بحلول عام 2040. هذا الرقم لا يقلل من الطلب الصيني على النفط، بل يعكس واقعًا آخر وهو قلة الاستثمارات في صناعة النفط، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار".

وأضافت أن "التحول إلى الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية يحدث بوتيرة سريعة في الصين، لكنه يحتاج إلى خمس سنوات على الأقل حتى يستقر الوضع. فالبيانات الصينية تشير إلى أن الحفاظ على مستوى الطلب الحالي، والذي يعتبر ضعيفًا نظرًا للأوضاع الاقتصادية العالمية.. يتطلب وجود 500 مليون سيارة على الطريق حتى يمكن القول إن هناك تأثيرًا حقيقيًا على سوق النفط من الجانب الصيني"، على حد تقديرها.

وأشارت إلى أن "الانتقال إلى السيارات الكهربائية جاء على حساب سوق الغاز أكثر من سوق النفط. وعند حسابات الربح والخسارة، نجد أن هناك مبالغة في القراءة الفنية لمسار سوق النفط من ناحية الطلب الصيني. لذلك، في الوقت الحالي وعلى المدى الطويل، لا يمكن القول إن سوق السيارات الكهربائية ستتعاظم بسرعة على حساب النفط، بل إن واقع الأمر يتعلق بالظروف الاقتصادية. والتراجع المستدام في الطلب الصيني على النفط يحتاج إلى مزيد من الوقت".

من لندن، قال خبير اقتصاديات الطاقة نهاد إسماعيل، في حديث خاص مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن "أرقام يوليو تشير إلى تراجع الاستيراد الصيني للنفط إلى أدنى مستوى منذ سبتمبر 2022، حيث بلغ معدل الاستيراد اليومي 9.97 مليون برميل يوميًا، مقارنةً بمعدل الاستيراد السنوي لعام 2023 الذي بلغ حوالي 11.5 مليون برميل يوميًا في ديسمبر".

وأضاف إسماعيل أن "التحول من السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين والديزل إلى السيارات الكهربائية هو جزء فقط من أسباب تراجع نمو الطلب على النفط، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي في الإنتاج الصناعي والتصدير، ومعاناة قطاع العقارات، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة والصين من جهة أخرى، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية على السلع الصينية مثل السيارات الكهربائية".

وأشار إسماعيل إلى أن "التقرير الذي نشرته بلومبيرغ في ديسمبر 2023 بعنوان السيارات الكهربائية تقود الصين نحو نهاية عصر النفط، يبرز هذا التحول، إلا أن الطلب على النفط لا يزال قويًا عالمياً ومن المتوقع أن يستمر هذا الأمر لسنوات طويلة (..). ومع ذلك، في الصين تحديدًا، تتوقع الشركة الحكومية PetroChina أن يرتفع استهلاك النفط في قطاعات أخرى مثل صناعة البيتروكيماويات".

 

كما أشار إسماعيل إلى تقرير صادر عن غولدمان ساكس أشار إلى أن نمو الطلب الصيني على النفط تباطأ هذا العام نتيجة التحول من النفط إلى الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي، حيث انخفض نمو الطلب لحوالي 200 ألف برميل يوميًا، مع تراجع الاستهلاك .. وإجمالًا، أدى الانتقال إلى وسائل نقل تعمل بالبطاريات الكهربائية إلى تقليص الطلب على النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً".

واختتم إسماعيل تصريحاته بالإشارة إلى مفارقة مختلفة، ذلك أنه "من المثير للدهشة أن مبيعات السيارات الكهربائية ستسجل أرقامًا قياسية مستقبلًا، وكذلك الاستهلاك العالمي للنفط (..).

أظهرت بيانات الإدارة العامة للجمارك أن واردات الصين اليومية من النفط الخام في يوليو، هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ سبتمبر 2022، إذ أدت هوامش المعالجة الضعيفة وانخفاض الطلب على الوقود إلى كبح العمليات في المصافي المملوكة للدولة والمستقلة.

كشفت البيانات أن أكبر مشتر للنفط الخام في العالم استورد 42.34 مليون طن في يوليو، أو حوالي 9.97 مليون برميل يوميا.

وانخفضت الواردات بنحو 12 بالمئة عن الشهر السابق وكانت أقل بنحو ثلاثة بالمئة عن مستواها قبل عام، وفقا لسجلات رويترز لبيانات الجمارك.

ويشار إلى أن تحول الصين التدريجي عن الوقود الأحفوري في صناعة السيارات حجز لها موقعا رياديا في نادي منتجي المركبات عالمياً.