تحظى كلٌ من فرنسا واليابان بالريادة عالمياً في مجال التصميم، لكن إذا كنت تتابع عالم الموضة، فإن باريس هي العاصمة التي لا يمكن تفويتها في تحديد الصيحات، بينما تبدو طوكيو وكأنها متأخرة عن الركب. ويبدو أن الأمر ذاته ينطبق على عالم السيارات.
شكّل معرض باريس للسيارات الأسبوع الماضي فرصة لصناعة السيارات الأوروبية المحمية بالتعريفات الجمركية لإظهار قدرتها على مواجهة تدفق السيارات الكهربائية الصينية المبتكرة ومنخفضة التكلفة.
كان الحماس ملموساً حتى في مناطق بعيدة، فقد قامت شركات "رينو" (Renault) و"ستيلانتس" (Stellantis)، و"فولكس واجن" بالترويج لسيارات كهربائية جديدة بسعر تنافسي يصل إلى حوالي 25 ألف يورو (27 ألف دولار)، مما جذب اهتمام الأوروبيين الذين يبدو أنهم يتجهون نحو عصر ما بعد السيارات.
في المقابل، قد لا يكون من الواضح للكثيرين أن قطاع السيارات الياباني كان يعرض منتجاته في نفس الوقت. وربما يكون مبرراً إذا اعتقدت أن ثورة السيارات الكهربائية لم تبدأ أصلاً هناك.
لم يتم عرض سوى سيارة كهربائية واحدة فقط في "معرض التنقل الياباني" لهذا العام وهي "نيسان آريا" (Nissan Ariya)، التي طُرحت للبيع منذ عام 2022، وكُشف عنها لأول مرة قبل خمس سنوات.
عرضت "تويوتا" (Toyota) و"هوندا" (Honda) سيارتين تعملان بالهيدروجين (بالإضافة إلى نظام بطارية للطوارئ من "تويوتا")، بينما تم عرض ثلاث سيارات تعمل بالوقود الحيوي، وهو اختيار يبدو بعيداً عن الواقع.
حالياً، يصل عدد السيارات المباعة التي تعمل بالهيدروجين منذ ظهور هذه التكنولوجيا قبل تسع سنوات، إلى 90762 سيارة فقط، وهو ما يعادل مبيعات السيارات الكهربائية كل ثلاثة أيام.
يعد الوقت الراهن مناسباً لاغتنام شركات السيارات اليابانية العريقة الفرصة للتوسع في أميركا الشمالية، لتلبية الطلب على السيارات الكهربائية.
هذه المقاربة غير الواقعية تتماشى تماماً مع موقف اليابان الأوسع تجاه الصناعة، في الوقت الذي تتحول فيه السيارات إلى العمل بالكهرباء. كانت واحدة من كل ثماني سيارات مباعة على مستوى العالم العام الماضي سيارة كهربائية تعمل بالبطارية، لكن حصة اليابان كانت 2.2% فقط، وهي نسبة أقل من الهند وجنوب شرق آسيا، ناهيك عن حصة سيارة واحدة من كل أربعة سيارات في الصين. في فرنسا، كانت الحصة 18%، وفي الولايات المتحدة 8.1%.
تواجه شركات السيارات في جميع أنحاء العالم العديد من التحديات والصعوبات في التحول نحو السيارات الكهربائية، ولكن اليابان تتفرد في الادعاء بأن هذا التحول ليس مجرد تحدٍ لوجستي، بل إنه خاطئ من الأساس. فقد جادل أكيو تويودا، رئيس "تويوتا موتور"، في يناير الماضي بأن السيارات الكهربائية لن تصل أبداً إلى أكثر من 30% من السوق (على الرغم من أنها تشكل بالفعل حوالي 13% حتى هذا العام)، مقارنة بأقل من 5% في الفترة نفسها من عام 2021.
إنه تحول غريب ومُحبط (خاصة أن اليابان كانت في السابق رائدة في مجال الكهرباء). فبالرغم من كل الفضل الذي ينسبه إيلون ماسك لنفسه في شركته الناشئة التي اشتراها في 2004، فإن شركة "سوني" (Sony) اليابانية هي من اخترعت بطاريات الليثيوم أيون، بينما كانت شركتا "نيسان" (Nissan) و"ميتسوبيشي" (Mitsubishi) اليابانيتان تنتجان السيارات الكهربائية بالجملة، في نفس الوقت الذي كان ماسك يحصل فيه على أول سيارة "تسلا رودستر". وحتى عام 2018، كان تحالف "رينو-نيسان-ميتسوبيشي" (Renault-Nissan-Mitsubishi) لا يزال يتفوق على "تسلا" من حيث مبيعات السيارات الكهربائية.
قد يُحاول البعض الدفاع عن اليابان بالقول إن هذا المعرض يُقصد به أن يكون متواضعاً نسبياً. فمعظم معارض السيارات تقام كل عامين لمنح الشركات الوقت الكافي لتطوير التصاميم الجديدة التي تبهر الحضور. أُقيم معرض العام الماضي في طوكيو، وحقق نجاحاً واضحاً، حيث أبهر المراجعين بتنوع السيارات الكهربائية المعروضة وميزاتها. تحولت اليابان الآن إلى إقامة المعارض سنوياً، مع التركيز على جعل الاجتماعات في الأعوام المتوسطة أحداثاً أكثر توجيهاً نحو الداخل، بالتزامن مع مؤتمر "CEATEC" للتكنولوجيا الأكبر حجماً.