بالإعلان عن إطلاق مسابقة جماهيرية مفتوحة لاختيار اسم وشعار و"لوجو" للعاصمة الإدارية الجديدة، تكون أحدث عاصمة في العالم قد أوشكت على الافتتاح الرسمي، بعد أعمال إنشائية ضخمة ومستمرة، لم تشهدها منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، ولم توقفها أزمات أو أحداث، ولا حتى جائحة كورونا التي عصفت بالعالم.
سنوات قصيرة
مرت قبل أن يتحول الحلم إلى واقع، وإلى حقيقة، وإلى مدينة تستقطب شركات التطوير
العقارية، ومنطقة جاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية، عاصمة أكبر من حجم العاصمة
الفرنسية باريس، وضعف مساحة دولة سنغافورة بالكامل.
في الثامن من
فبراير 2016، صدر القرار الجمهوري رقم 57 لعام 2016، بتخصيص الأراضي الواقعة جنوب
طريق القاهرة – السويس لإنشاء عاصمة إدارية جديدة، بعد أن تحول حلم إنشاء عاصمة
جديدة لمصر بدلا من القاهرة واحدا من المطالب الرئيسية للمصريين.
وبالفعل، تم
الإعلان عن تأسيس شركة مصرية مساهمة تتولى تنمية وإنشاء وتخطيط هذه العاصمة، على
مساحة 184 ألف فدان، وذلك بتاريخ 21 أبريل عام 2016، وهي شركة العاصمة الإدارية،
برأسمال بلغ 204 مليارات جنيه.
وجاء اختيار
موقع العاصمة عبقريا وفريدا، إذ تقع المدينة في المنطقة الواقعة بين مجرى نهر
النيل غربا، وقناة السويس وخليج السويس شرقا، ودلتا مصر شمالا، وصحراء مصر الشرقية
جنوبا، في منطقة قريبة من العاصمة الحالية، القاهرة، وقريبة أيضا من مدينة السويس
ومنتجع العين السخنة، وبالتالي من الأنفاق التي تصل بنا إلى سيناء، وأيضا من
المحاور والطرق الإقليمية الجديدة التي تربط شرق مصر بغربها، كما يسهل الوصول
إليها عن طريق القاهرة - السويس من جهة، أو من طريق القطامية - السخنة من جهة
أخرى، واللذين تم تطويرهما ليكونا قادرين على استيعاب حركة الانتقال إلى العاصمة
الجديدة، فضلا عن ربط أنحاء مصر بالعاصمة الجديدة بشبكة حديثة أخرى من القطارات
السريعة والمونوريل.
ومن المقرر أن
تكون العاصمة الإدارية الجديدة هي عاصمة مصر فور افتتاحها، وسيتم نقل مقار الحكم
والوزارات والسفارات الأجنبية إليها، بحيث يبلغ عدد سكانها المستهدف في المرحلة
الأولى بمسطح 40 ألف فدان نحو 5,5 مليون نسمة، بالإضافة إلى ما بين 40 ألفا إلى 50
ألف موظف حكومي سيتم نقلهم في المقرات الجديدة، مع وجود خطط لزيادة الطاقة
الاستيعابية للعاصمة الجديدة إلى مائة ألف موظف بعد الأعوام الثلاثة الأولى.
وبالإضافة إلى
هذه المسابقة، فإن هناك عدة شواهد تفيد بقرب افتتاح العاصمة الجديدة، من بينها بدء
أعمال ملء النهر الأخضر في قلب المدينة، وإنشاء البوابات الست للعاصمة الجديدة،
وبدء أعمال التشطيبات النهائية بالمرحلة الأولى، حيث من المتوقع أن تنتهي كل هذه
الأعمال في موعد غايته نهاية العام الحالي، بما يوحي بأن الافتتاح الرسمي للعاصمة
قد يكون في أوائل عام 2022.
كما بلغت نسبة
التنفيذ بمباني وزارات الحي الحكومي نحو 98%، وبمباني الرقابة الإدارية ومجلسي
النواب والشيوخ 98% أيضا، ومبان أخرى رئيسية بنسبة 95%.
وتضم العاصمة
الجديدة منطقة الأعمال المركزية التي تضم 20 برجاً باستخدامات متنوعة، ومنها البرج
الأيقوني، الذي يعد أعلى برج في قارة إفريقيا، بارتفاع نحو 400 متر، وتقدر
استثمارات هذا المشروع بنحو 3 مليارات دولار، ويتم تنفيذها بالتعاون بين وزارة
الإسكان، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وشركةCSCEC الصينية، وهى إحدى كبريات
شركات المقاولات على مستوى العالم.
كما تضم منطقة
الحدائق المركزية "كابيتال بارك"، التي تعد أكبر حديقة مركزية في الشرق
الأوسط، وثاني أكبر حديقة على مستوى العالم، ويبلغ طولها أكثر من 10 كيلومترات،
ومساحتها نحو ألف فدان، وستوفر مناطق ترفيهية بمعايير عالمية.
وأفضل ما تعبر
عنه مسابقة اختيار اسم وشعار ولوجو العاصمة الجديدة أنها تدل على العقلية
الاحترافية والنظرة التسويقية الحديثة التي تدار بها مدينة المستقبل، إذ يعد
اختيار الاسم أو الـBrand Name أو الشعار Slogan، هي الخطوة الأولى لبناء صورة ذهنية قوية وناجحة Image لأي شركة أو مؤسسة أو مدينة، باعتبار أن الإسم هو أحد أهم الجوانب
التي تعكس صورة الهوية والشخصية في أذهان الجميع.
ومن بين
الأسماء المتداولة للعاصمة الجديدة، "الكنانة" وهو اسم معبر للغاية عن
مصر، وكذلك "المحروسة"، فضلا عن أسماء كبار قادة وملوك الفراعنة مثل "أحمس"
و"خوفو" وإخناتون"، مع مسميات أخرى مقترحة مثل
"المصريين"، و"المستقبل"، وكايرو كابيتال"، وغير ذلك.
وفي كل
الأحوال، فإن مسمى المدينة لابد أن يعكس المضمون الذي تسعى الدولة لإظهاره سياسياً
واجتماعيا واقتصادياً، كما يجب أن يتماشى مع القيم والأهداف العامة، ومع كون
العاصمة بداية حقبة جديدة مبنية هي ما يعرف باسم "الجمهورية الجديدة"،
والتي تأتي بالتزامن مع تطورات مهمة على الصعيد الوطني، من بينها إطلاق أول
استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، وإلغاء العمل بقانون الطواريء، وغير ذلك.