وافق مجلس إدارة البنك المركزي بجلسته المنعقدة في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، على إصدار الإطار العام المرفق لتعليمات السيولة الطارئة، نظرًا للدور المهم الذي تمثله السيولة الطارئة التي تمنحها البنوك المركزية للبنوك في احتواء الأزمات المحتملة، والحد من تأثيرها، ونصت التعليمات على أن يكون منح السيولة الطارئة مقتصرًا على البنوك ذات الملاءة المالية، وأن يكون المنح مقابل ضمانات كافية، وأن يكون سعر العائد المطبق أعلى من متوسط أسعار الإقراض السائدة بالسوق، فضلاً عن أن يكون التمويل قصير الأجل.
وعن قرار البنك المركزي، رأت قيادات القطاع المصرفي أنه بمثابة حائط صد للقطاع المصرفي؛ من أجل احتواء أي أزمات محتملة في الأجل القصير، والحد من تأثيرها، مؤكدة أن البنوك العاملة بالسوق المصري تتمتع بسيولة عالية، وتمتلك أعلى معدلات للسيولة في المنطقة، وأن قرار البنك المركزي هو قرار مستقبلي تنظيمي، بهدف تطبيق أفضل الممارسات الدولية، لدعم قدرة الجهاز المصرفي.
قال رئيس مجلس إدارة بنك مصر "محمد الأتربي" في تصريحات صحفية، إن البنوك المصرية في موقف قوي من حيث جميع المؤشرات المالية، والتي تتضمن السيولة، مشيرًا إلى أن قرار البنك المركزي الخاص بالسيولة الطارئة هو إجراء تنظيمي تتبعه البنوك المركزية العالمية لدعم البنوك العاملة ذات الملاءة كاحتياط.
وأضاف"الأتربي" أن الإجراءات التحوطية الاستباقية ليست جديدة على البنك المركزي المصري، وأنه دائمًا سباق في التحوط، وداعم للقطاع المصرفي، ولذلك تم اختيار المحافظ من أحسن المحافظين على مستوى العالم للسياسة الحكيمة والداعمة للقطاع المصرفي، واستخدام أحدث الأساليب العالمية التي تراقب وتقوي من القطاع المصرفي.
وصرح نائب محافظ البنك المركزي المصري "جمال نجم" خلال مداخلة هاتفية مع قناة العربية أن قرار إتاحة السيولة الطارئة للبنوك المحلية يأتي التزامًا بقانون البنك المركزي 194 لسنة 2020،
وأوضح أن أحد بنود القانون اشتمل على نظام السيولة الطارئة التي يمكن للبنك المركزي أن يمنحها للبنوك ذات الملاءة المالية المرتفعة، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء مستقبلي؛ لأن نسب السيولة لدى البنوك المصرية في الوقت الحالي تعد الأعلى في المنطقة.
وأضاف "نجم" أنه طبقًا لمتطلبات بازل 3 هناك نسبتان للسيولة يجب الالتزام بهما، وتتضمن أن يكون هناك أوراق مالية عالية السيولة، وتقدر على أساس حجم ما تغطيه من الالتزامات على البنك.
وشدد نجم" على ضرورة وضع شروط منح السيولة الطارئة للبنوك طبقًا للقانون، مشيرًا إلى أن السيولة النقدية الطارئة للبنوك، تعتبر أداة من الأدوات المتاحة التي يمكن بموجبها دعم البنوك ومساندتها لمواجهة أزمة السيولة على المدى القصير.
وأكد أن أزمات السيولة يمكن أن تهدد عمل البنوك، وتؤثر على عمل المؤسسات المالية الأخرى.
وفيما يخص الشروط المطلوبة لحصول البنك على هذه السيولة، قال "نجم" أنها تتضمن أن يكون البنك ذا ملاءة مالية مرتفعة، ويحقق أرباحًا ولديه قاعدة رأسمالية قوية، ومكررات السيولة لديه تفوق معايير بازل 3.
من جانبه، أكد "محمد بدير،" الرئيس التنفيذي لبنك QNB – الأهلي، أن البنوك العاملة بالسوق المصرية تتمتع بسيولة عالية، وتمتلك أعلى معدلات للسيولة في المنطقة، مشيرًا إلى إن الإجراءات الصادرة من البنك المركزي لتنظيم منح السيولة الطارئة للبنوك، هي إجراء مستقبلي، ويأتي تطبيقًا للتعليمات الرقابية والتنظيمية لعملية السيولة الطارئة للبنوك ذات الملاءة المرتفعة، لافتًا إلى أنه لا يوجد بنك في مصر يحتاج مثل هذه السيولة حاليًّا.
وأوضح "بدير" أن هذه الإجراءات تعد جزءًا من اللائحة التنفيذية المطلوبة تحت مظلة قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الجديد ، كما يقوم البنك المركزي بإصدار القواعد الرقابية على مراحل من خلال ١٤ مشروعًا لتنظيم عمل البنوك طبقَا للقانون الجديد، مشيرَا إلى أن أحد بنود القانون اشتمل على نظام السيولة الطارئة التي يمكن للبنك المركزي أن يمنحها للبنوك ذات الملاءة المالية المرتفعة.
وقال الخبير المصرفي "محمد عبدالعال"، إن البنوك المركزية في كل أرجاء العالم، تضع متطلبات احترازية كمية ونوعية، لمواجهة مخاطر السيولة، موضحًا أن مخاطر السيولة عبارة عن عدم قدرة البنك على تمويل الزيادة في الأصول، أو مقابلة الالتزامات عند استحقاقها، أو مع إمكانية ذلك، ولكن مع تكبد خسائر كبيرة أو غير مقبولة.
وأضاف "عبدالعال" أن قرار البنك المركزي بمنح السيولة الطارئة يأتي ضمن استراتيجية البنك لتطبيق أفضل الممارسات الدولية، لدعم قدرة الجهاز المصرفي في إدارة كل أنواع المخاطر المصرفية ومنها مخاطر السيولة، والتأكد من التزام البنوك بالمتطلبات التنظيمية والسقوف والمحددات الموضوعة من قِبله، ومنها على سبيل المثالً؛ الحد الأدنى من الاحتياطى النقدى الإلزامي كنسبة من الودائع، ونسب السيولة القانونية، ونسب السيولة حسب سلم الاستحقاقات، ونسب فجوات السيولة الجارية والتراكمية، ونسب تركز أكبر المودعين، وغيرها من المحددات التب يتعين أن تلتزم بها البنوك في ظروف العمل العادية وغير العادية، لكي تتجنب بقدر كبير من الثقة، احتمال التعرض لأزمات أو مخاطر سيولة.
وأكد "عبدالعال" أن البنك المركزي لم يكتفِ بتلك الضوابط والمحددات، وإنما استهدف أيضًا أن تتم عملية إدارة مخاطر السيولة بشكل احترازي واستباق، مستهدفًا وضع آلية للتعامل مع أزمات السيولة الطارئة التي يمكن أن تحدث في المستقبل، ولذلك قام البنك المركزي بالإعلان عن إطار عمل مناسب يوضح قواعد ومحددات التصرف المبكر لمعالجة مخاطر السيولة الطارئة، اذا ما حدثت في المستقبل، وبمقتضى تلك الآلية سيوفر البنك المركزي المصري تمويلًا طارئًا باعتباره المقرض الأخير والملاذ الآمن، وذلك في حالات عدم قدرة البنك على توفير احتياجات السيولة الطارئة.
وأوضح أن السيولة الطارئة وفقًا لهذا المفهوم تعد أداة من أدوات التمويل يوفرها البنك المركزي، بشروط معينة، لمواجه أزمات سيولة طارئة قصيرة الأجل، مضيفًا أن هذا الإطار ليس بديلًا للإجراءات والمحددات الرقابية الأخرى المطبقة حاليًّا لإدارة مخاطر السيولة، وأنه جاء كحلقة في سلسلة استكمال الإجراءات الإشرافية والرقابية والتنظيمية المقررة وفقَا للأصول الدولية .
وكشف "عبد العال" أن عملية منح السيولة الطارئة تختلف عن عمليات السياسة النقدية الأخرى، كالسوق المفتوحة، أو صفقات التسهيلات لمدة يوم، مؤكدًا أن تلك الأداة التمويلية الطارئة تتطلب شروطًا منوعة فنية ورقابية ومحددات، أهمها ضرورة توفر الملاءة المالية للبنك، وأيضَا توفر ضمانات كافية، وأن سعر العائد المطبق سيكون أعلى من متوسط الأسعار السائدة في السوق.