الجمعة 22 نوفمبر

تقارير

اضطراب أسعار الذهب في الأسواق العالمية .. الأسباب والنتائج


الذهب

تشهد أسعار الذهب اضطرابات كبيرة في الأسواق العالمية، ما بين ارتفاعات متتالية، وانخفاضات مفاجئة، متأثرة بمتغيرات اقتصادية عديدة، مما كان له بالغ الأثر على أسعار الذهب في أسواق مصر بطبيعة الحال.

متى تصبح مصر لاعبا مؤثرة في سوق المعدن الأصفر؟ ومتى يصبح لدينا أكثر من "سكري"؟

  

فقد شهدت أسعار الذهب يوم الجمعة في الأسواق المصرية، استقرارا نسبيا، بعد ارتفاع مساء الخميس بمقدار ثلاثة جنيهات، متأثرا بالزيادة في تعاملات البورصة العالمية عند مستوى 1840 دولارا للأوقية.

وشهدت حركة السوق المحلية حالة من الركود نتيجة موجة عدم الاستقرار التي يشهدها سعر الذهب عالميًا.

وجاء ذلك في الوقت الذي لامست فيه أسعار الذهب أعلى مستوياتها يوم الخميس في الأسواق العالمية منذ أكثر من أسبوعين، بفعل ضعف أداء الدولار، ومع صدور بيانات تشير إلى ارتفاع في أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة، مما رفع من الطلب على المعدن النفيس، بوصفه الواقي التقليدي الآمن في حالات التضخم وانخفاض أسعار الفائدة.

ويقول ستيفن إينيس الشريك الإداري في "إس.بي.آي أسيت مانيجمينت" إن "العامل الأكبر في التضخم حاليا، بخلاف مشكلات سلاسل التوريد، هو أسعار النفط، وهذه تمثل مشكلة، بغض النظر عن مدى ارتفاع أسعار الفائدة".

والمعروف أن الذهب حساس للغاية لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، لأن الارتفاع يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لشراء الذهب الذي لا يدر عائدا، كما تعزز معدلات الفائدة المرتفعة الدولار، مما يضغط على المعدن النفيس المسعّر بالدولار الأمريكي.

أما بالنسبة لموقف سوق الذهب في مصر، ومدى قدرة مصر في المستقبل القريب على خوض غمار هذه السوق المغرية، والصعبة في آن واحد، فيجب هنا أن نشير إلى أننا ما زلنا نحبو بعيدا جدا عن المنافسة العالمية في مجال الإنتاج.

وعلى الرغم من ارتباط سعر الذهب بالمتغيرات الأمريكية، فإن الصين لا تزال تتصدر دول العالم الأكثر إنتاجاً للذهب، بـ 368 طنا سنوياً، فيما تأتي روسيا في المركز الثاني، بإجمالي 331 طنا، ثم أستراليا في المركز الثالث بـ 327 طنا، ثم تأتي الولايات المتحدة في المركز الرابع عالميا بـ190 طنا، تلتها كندا في المركز الخامس بـ 170 طنا.

وعلى الرغم مما يتردد عن شهرة الدول الإفريقية في مجال إنتاج الذهب، فإن ضعف عمليات التنقيب، وانتشار التنقيب غير القانوني، يؤثر سلبا على تواجد دول القارة في الترتيب العالمي للدول المنتجة للذهب، حيث تأتي غانا في المركز السادس عالميا، والأولى إفريقيا، بواقع 138 طنا.

أما إنتاج مصر من الذهب، فهو يقدر بنحو 15,8 طن سنوياً، ويأتي أغلبه من منجم السكري في الصحراء الشرقية.

ويوجد في مصر بشكل عام نحو 270 موقعاً للذهب، منهم 120 موقعاً ومنجماً تم استخراج الذهب منهم في الماضي، قبل أن تكثف مصر خلال السنوات الأخيرة مزايدات البحث والتنقيب عن الذهب، وتعدل تشريعاتها لتسمح لمزيد من الشركات بالتنقيب عن الذهب.

وتستهدف مصر تحقيق استثمارات أجنبية مباشرة تقدر بـ 375 مليون دولار في قطاع التعدين خلال عامين، لرفع مساهمة التعدين في اقتصاد مصر، لأنها لا تتعدى حاليا نسبة 0,5%.

وسبق لمصر أن أعلنت في وقت سابق مطلع عام 2021 عن إنشاء مدينة للذهب على مساحة 150 فدانا، كما كشفت عن بناء أول مصفاة معتمدة للذهب في منطقة مرسى علم.

وتتوقع مصر زيادة الاستثمارات المباشرة لتبلغ مليار دولار عام 2030.

وكانت "سنتامين" قد أعلنت مؤخرا عن ارتفاع إنتاج الذهب لديها بنسبة 58% خلال الربع الرابع من 2021، بعد أن استفادت من خامات عالية الجودة، بينما أبقت على توقعاتها لعام 2022 لإنتاج الذهب والإنفاق الرأسمالي دون تغيير، حيث بلغ الإنتاج 107549 أوقية خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في 31 ديسمبر الماضي.

وبجانب "سكري" سنتامين، تسعى مصر لإدخال مناجم جديدة إلى خريطة إنتاج الذهب لديها، حيث أطلقت في عام 2020 مزايدة عالمية، فازت فيها 11 شركة مصرية وعالمية بنحو 82 منطقة للبحث عن الذهب في الصحراء الشرقية والبحر الأحمر.

وتشير هذه المعلومات والأرقام إلى أن مصر سيكون لها مكان بارز في سوق إنتاج الذهب عالميا، ولكن ربما بعد سنوات، أي بعد الإعلان عن اكتشافات جديدة، كثمار متوقعة من جراء التشريعات الجديدة التي تمنح شركات التنقيب عن الذهب مزيدا من التسهيلات وحرية الحركة، وتمنع وتجرم عمليات التنقيب غير المشروعة.

حتى ذلك الحين، ستظل السوق المصرية مجرد "مشاهد" ومتابع لأسعار الذهب في الأسواق العالمية، ولأسعار الفائدة الأمريكية، وأيضا لأسعار الدولار، ومتأثرة بكل ذلك، وعرضة للتقلبات العالمية، ولكن سيأتي وقت قريب تصبح فيه لاعبا قويا ومؤثرا، كما هو الحال الآن في قطاع الطاقة، وتحديدا الغاز.