الأثنين 23 ديسمبر

تقارير

حكاية "كابيتر" .. كابوس جديد .. أم "ضارة نافعة"؟


كابيتر

على الرغم من أن مصطلح الشركات الناشئة أو الـStart ups يمكن أن يكون كلمة السر في الاقتصاديات الحديثة، فإنه قد يتحول، كما هو الحال في النموذج المصري، إلى "كابوس"، يضاف إلى سلسلة كوابيس أخرى تهدد الاقتصاد في أي بلد، وليس في مصر وحدها.

ولعل أزمة شركة كابيتر" للتجارة الإلكترونية التي شهدتها الأوساط الاقتصادية في مصر خلال الأيام الماضية، واللغط الذي أثير حلوها، خير دليل على ذلك، بعد أن اهتزت صفحات التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" بالصراخ والعويل حول ما يمكن أن تؤشر إليه هذه الأزمة، وتأثير ذلك على الاقتصاد المصري، وأيضا ما إذا كانت سابقة يجب التنبيه عليها منعا لحدوث أزمات مشابهة على صعيد الاقتصاد الناشيء في دول أخرى.

اللغط بدأ مع أنباء عن قرار مجلس إدارة الشركة بعزل الأخوين محمود وأحمد نوح من رئاستها، بسبب عدم الوفاء بالواجبات التنفيذية، وغيابهما عن إجراءات الفحص النافي للجهالة لعملية دمج محتملة مع كيان آخر.

هذا هو ما أكده بيان رسمي صادر عن الشركة التي توصف بأنها ثاني أكبر شركة تعمل في مجال التجارة الإلكترونية في مصر حاليا.

وعلى الرغم من أن هذا البيان وضع قليلا من النقاط على الحروف، فإن ما يعيبه أنه صدر متأخرا كثيرا، مما سمح لتردد كثير من الشائعات والتأويلات على صفحات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، معظمها من غير المتخصصين.

ولكن، بعيدا عن أزمة الشركة بشكل خاص، طرحت هذه الأزمة، وهذا اللغط، تساؤلات كثيرة حول مستقبل الاستثمار في الشركات الناشئة في مصر.

وبالفعل، ترددت كثير من الأصوات والهمهمات حول هذه النقطة، فهناك من اعتبر ما حدث للشركة مثيرا للحزن، وللصدمة أيضا، ومنهم من رأى أنها أزمة جاءت في توقيت سيء للغاية يواجه فيه الاقتصاد المصري بالفعل مشكلات كثيرة، شأنه شأن كثير من اقتصاديات دول العالم، بسبب تداعيات جائحة كورونا والحرب الأوكرانية.

وهناك من أعرب عن توقعات متشائمة بشأن تأثيرات هذه الأزمة "الكابيتارية" على الاتجاه الإيجابي السائد حاليا في مصر بضرورة الاعتماد على القطاع الخاص، وإشراكه في جهود التنمية، بل وبشأن تأثيراتها على "الأجواء" الاقتصادية عامة.

وهناك أيضا من أكد أن هذه الأزمة، أيا كانت أسبابها أو خلفياتها أو نتائجها، سيكون لها تأثير على غلق باب التمويل وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الشركات الناشئة في مصر، علما بأن نجاح شركات التكنولوجيا الناشئة في مصر تحديدا كان من عناصر جذب رؤوس أموال المخاطر إلى مصر بالفعل، حتى وإن كانت التأثيرات على هذه الجزئية لم تتضح بعد حتى الآن.

وهناك من ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ اعتبر، ولو عن غير فهم، أن ما حدث في "كابيتر" أعاد لأذهان المصريين ذكريات شركات توظيف الأموال في التسعينيات من القرن الماضي، وما تبعها من ظاهرة "المستريحين".

وفي الوقت نفسه، هناك من يرى ضرورة التعامل مع الأمر بهدوء وحكمة، والاكتفاء بردود الأفعال العادية، مبررين ذلك بأن هذه الأمور تبدو طبيعية في عمل الشركات الناشئة، وبخاصة في بداية عملها، وهو ما يدركه المتخصصون، الذين يرون أنه بجانب قصة فشل لشركة ناشئة، فإنه توجد العشرات من قصص النجاح الأخرى لشركات ناشئة أيضا.

بدليل أن أصحاب هذا الرأي مقتنعون تماما بأن المستثمرين أنفسهم يدركون بأن عائدات الاستثمار في الشركات الناشئة لا تتجاوز عادة 10% أو 20% من القيمة الكلية.

ولا شك في أن قليلا من التروي والحكمة في تقييم الأمور، يمكن أن يؤدي بنا إلى نتائج طيبة، خاصة وأن عمل الشركات الناشئة بطبيعته عمل يقوم على عنصرين مهمين هما: الشباب والإنترنت، وبالتأكيد، فليس هناك أفضل من نموذجي أمازون وفيسبوك لضرب الأمثال على شركات ريادة أعمال بدأت صغيرة، وانتهت عملاقة.

ولدينا شركات مصرية ناشئة كتبت قصص نجاح يحتذى بها، وقادرة على جذب مزيد من الاستثمارات لهذا المجال في مصر، مثل "سويفل" و"وصلة" و"بيكيا"

عايز"، و"جو أجازة"، وغيرها.

ولا ننسى أن الشركات الناشئة المصرية نجحت بالفعل في جمع مبلغ 269 مليون دولار كتمويلات في النصف الأول من العام الحالي وحده.

ورب ضارة نافعة، فقد تكون أزمة "كابيتر" مجرد جرس إنذار، وفرصة لتصحيح أوضاع وعلاج سلبيات، ومعالجة مخاطر، قبل أن تستفحل في أي شركة أخرى مشابهة.