الأثنين 23 ديسمبر

آراء وتقارير

خبراء: العمل بالعقود الآجلة يساعد المركزي على ضبط سعر الصرف


البنك المركزي المصري

اثنى العديد من الخبراء المصرفيين، على قرار العمل بالعقود الآجلة غير القابلة للتسليم، مؤكدين انه من اهم عوامل طمأنة المستثمرين للتحوط ضد التذبذب فى قيمة العملة، وعدم استقرار سعر الصرف فى الوقت الحالى، لما له من اثر في تقليل الفارق بين سعري البيع والشراء ، في الوقت الذي عاد فيه من جديد تواجد سعرين للعملة احدهما بالبنوك والاخر خاص بالسوق الموازي او السوداء كما يطلق عليها.

وكان البنك المركزى قد عقد اجتماعًا مؤخرًا مع البنوك، وأعلن الاستعداد لإطلاق بعض أنواع المشتقات المالية، وذلك لطمأنة العملاء والمستثمرين من التخوف من التقلبات فى أسعار الصرف والفائدة.

وتقوم فكرة العقود الآجلة غير القابلة للتسليم بالأساس على تحديد العميل لقيمة العملة، وعرضها على البنك للاتفاق على تنفيذ هذه الصفقة فى وقت لاحق، وذلك بناء على دراسته للسوق وتوقعاته لاتجاهات العملة فى المستقبل، وبموافقة البنك وإبرام العقد، وبحلول موعد التنفيذ، يتوقف مقدار ربح وخسارة العميل من جهة والبنك من جهة أخرى على سعر الصرف يوم التنفيذ أو ما يسمى Spot Rate.

من جانبه قال محمد البيه، الخبير المصرفى، إن تطبيق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم (Non-deliverable Forwards) على العملة المحلية يتيح حرية أكبر فى تحديد سعر العملة وتداولها فى السوق، فبدلًا من كون البنك المركزى هو المحدد الرئيسى لسعر الصرف، يؤثر معه كذلك توقعات الأفراد لاتجاه العملة فى المستقبل، فتصبح المشتقات على العملة المحلية- التى وافق عليها البنك المركزى مسبقًا- من العوامل المؤثرة فى تحديد قيمة الجنيه مقابل الدولار.

وأوضح البيه، أن تطبيق هذه الخطوة تعمل على خفض الفرق بين سعرى البيع والشراء فى السوق، وذلك لرغبة البعض في إجراء هذه العقود مع البنك لبيع العملة، ورغبة البعض الآخر فى عقدها لشراء العملة فى المستقبل، وبالتالى سيقلل من الاتجاه للمضاربة عليها، واستغلال الفرق بين سعر بيع العملة وشراءها، مضيفًا أن هذه الخطوة ستوجه اصحاب المصادر الدولارية ناحية البنك، وذلك لارتضاء طرفى المعاملة- العميل والبنك- بسعر متفق عليه مسبقًا، ومن ثم سيشجع على جذب العملة الخضراء.

ولفت البيه  إلى أن العقود الآجلة غير القابلة للتسليم NDF لن تؤثر سلبًا بشكل كبير على القطاع المصرفى، فعلى الرغم من أن بها نسبة خطورة، خصوصًا فى حالة اتجاه قيمة العملة المحلية للانخفاض، إلا أن البنوك هدفها الأساسى تحقيق الربحية، فهى تدرس توجهات العملة فى المستقبل، وتضع تقييماتها للسوق مثلها مثل العميل، وبالتالى لن تقبل بفرق سعر كبير للتعاقد تجنبًا للخسائر.

وأكد أن عملية التطبيق تحتاج إلى تنفيذ بعض الإجراءات فى القطاع المصرفى، كموافقة الإدارات القانونية وإدرات الائتمان فى كل بنك، وكذلك موافقة البنك المركزى كجهه رقابية على شكل العقود، والالتزامات المطبقة على كلا الطرفين، المحددات التى لابد من أخذها فى الاعتبار قبل التنفيذ، وآليات التنفيذ.

اما مدحت نافع، الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل، فأكد أن العقود الآجلة بصفة عامة تتميز عن العقود المستقبلية، وذلك بكونها ليست نمطية ولا قابلة للتداول فى السوق الثانوية بين أطراف غير معلومة لبعضها البعض، فالعقد الآجل يتم توقيعه بين طرفين معلومين، ويجوز تداوله خارج المقصورة Over the counter وليس فى السوق الرسمية، كما يمتد استخدام العقود الآجلة بغرض التحوط أو حتى بغرض المضاربة ليشمل العديد من الأصول، إذ إن العقد الآجل مشتق من أصل (قد يكون سلعة أو معدنًا نفيسًا أو عملة) وهو ملزم لطرفيه، ويهدف إصداره إلى تجنب تقلبات الأسعار بالنسبة للأصل محل العقد.

وضرب نافع، مثالا بسيطا: "لو أن تاجرًا يريد شراء قنطار من القطن بسعر ألف جنيه وهو السعر السائد عند توقيع العقد، وخشى أن يتغير سعر القنطار عند التسليم بعد شهر مثلًا، فإن العقد الآجل يسمح له بتثبيت السعر وبذات الآلية التى تعمل بها بوليصة التأمين، بحيث لا يدفع أكثر من ألف جنيه للقنطار حتى لو أصبح سعره السائد 1200 جنيه، من ناحية أخرى لو أن السعر السائد انخفض عن ألف جنيه للقنطار فإن التاجر سوف يكون ملزمًا بدفع ألف جنيه للبائع، وهذا أكثر ما يميز العقود المستقبلية والعقود الآجلة عن عقود الخيارات التى تحمل إلزامًا على طرف واحد فقط، وتكون اختيارًا بالنسبة للطرف الآخر".

واشار نافع إلى أنه من المنطقى ألا ترتفع تكلفة هذا العقد عن كسور عشرية من قيمة الأصل أو السلعة محل الاشتقاق، وكذلك بوليصة التأمين على السيارة ضد الحوادث، فإن أقساطها السنوية يجب ألا تزيد على نسبة بسيطة من القيمة السوقية للسيارة.

واوضح نافع  أن العملات التى تتعرض قيمتها للتقلبات العنيفة لا تختلف كثيرًا عن السلع التى يحتاج المتعاملون بها أن يتحوطوا ضد مخاطر تقلبها.

وتابع نافع: " إن البنوك المصرية قد تحقق خسائر من تقلبات سعر الصرف، بينما لا تملك حرية كافية للتحوط ضد تقلبات الجنيه، ومن ثم فإن إتاحة الفرصة للبنوك للتعامل على العقود الآجلة غير القابلة للتسليم يحقق لها قدرًا من التحوط ضد خسائر سعر الصرف المحققة فى تعاملاتها، مما يتيح لها شهية أكبر على المخاطر، ويسمح بتدفق المعاملات فى أوقات عدم اليقين".

وكانت قد ظهرت  العقود الآجلة غير القابلة للتسليم في التسعينيات من القرن الماضى كعقود قصيرة الأجل، تستخدم عمومًا للتحوط أو المضاربة على العملات عندما تزيد ضوابط الصرف من صعوبة تداول الأجانب فى السوق الحاضرة مباشرة، ويكون العقد «غير قابل للتسليم»، لأن التسوية بين طرفى العقد تتم بالفرق بين السعر السائد فى السوق (فى زمن التسوية) والسعر الافتراضى المتعاقد عليه.

ويوجد بالفعل عقودًا آجلة متداولة  خارج المقصورة (وخارج مصر أيضًا) صادرة على الجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكى، وهى تحقق قدرًا من التحوط ضد تقلبات الجنيه المصرى مقابل الدولار، بحيث «يتوقع» أحد طرفى العقد أن ينخفض الجنيه بأكثر من %10 (مثلا) خلال أسبوعين، ويتوقع الطرف المقابل أن يكون الانخفاض فى حدود %5 فقط، وهنا يتحقق النفع الأكبر من العقد للطرف الذى يقترب سعر الصرف فى السوق الحاضرة من توقعاته عند الموعد المحدد فى العقد.