أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقرير جديد تحت عنوان "الرمال السوداء.. ثروة وطنية تُعيد مصر اكتشافها" تناول من خلالها تعريف الرمال السوداء، وأهميتها الاقتصادية، والتطور التاريخي لاستثمارات الرمال السوداء في مصر، مع تسليط الضوء على الأرقام والحقائق المتعلقة بثروة مصر من الرمال السوداء، وأماكن وجودها، فضلًا عن جهود الدولة لاستغلالها الاستغلال الأمثل.
وكشف تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عن أكثر الدول العربية ثراءً بالرمال السوداء، مشيراً إلى أن مصر تُعد من أكثر الدول العربية ثراءً، حيث تنتشر الرمال السوداء بطول ساحلها الشمالي بداية من مدينة رشيد وحتى رفح بطول 400 كم، كما تمتلك مصر 11 موقع للرمال السوداء تتوافر بهم 8 أنواع من المعادن الثقيلة، كما أن العائد المتوقع لمصر من موقع واحد من هذه المواقع أكثر من 255 مليون جنيه سنوياً، كما يُقدر الاحتياطي الجيولوجي من الرمال السوداء في مصر بنحو 1.3 مليار متر مكعب، موزعين على أربع مناطق رئيسية في محافظات "البحيرة، ودمياط، وكفر الشيخ، وشمال سيناء".
وأظهر التقرير الأهمية الاقتصادية للرمال السوداء والتي كان من أبرزها، دخول المعادن الاستراتيجية التي تحتوي عليها الرمال السوداء في العديد من الصناعات الاقتصادية مثل "الزركون، والمونازيت، والماجنتيت، والروتيل والألمنيت، والجارنت"، وفي إطار ذلك يمكن حصر عدد من الصناعات الاقتصادية البارزة والتي تدخل فيها الرمال السوداء وهي "صناعة هياكل الطائرات والسيارات والصواريخ والغواصات، والمركبات الفضائية، والأجهزة التعويضية، وصناعة أنابيب البترول، ومواد الإشعاع النووي، والعربات المصفحة والحربية، وقضبات السكك الحديدية، وصناعة السيراميك والبلاط، ومواد الصنفرة، والأرضيات عالية التقنية، وصناعة الكريستال والزجاج، والمعدات الرياضية ومستحضرات التجميل".
وذكر التقرير التطور التاريخي لاستثمارات الرمال السوداء في مصر، حيث ترجع إلى حقبة الثلاثينات من القرن الماضي ثم تبعها العديد من الجهود لتعزيز الاستثمارات فيها، كما تضمن استعراض لأماكن تواجد الرمال السوداء في مصر، والتي تنتشر بكميات كبيرة على سواحل مصر الشمالية المطلة على البحر المتوسط، إما على هيئة رواسب شاطئية، أو كسبان رملية ملاصقة للمنطقة الشاطئية، وتأتي هذه الرمال نتيجة اصطدام مياه النيل الحاملة لها بمياه البحر المتوسط عند المصبات، ثم انتشارها بطول الساحل بفعل التيارات البحرية والأمواج، من إدكو شمال محافظة البحيرة وتمتد إلى الشرق حتى مدينة العريش، والجدير بالذكر أن محافظة كفر الشيخ بها موقعان للرمال السوداء، الأول شرق البرلس بملاحة منيسي التابعة لقرية الشهابية على مساحة 80 فداناً، والثاني شمال الطريق الدولي غرب محطة توليد الكهرباء الضخمة في البرلس على مساحة 35 فداناً.
وسلط التقرير الضوء على جهود الدولة المصرية للاستفادة من الرمال السوداء، حيث صدَّق السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2019 على القانون "رقم 8 لعام 2018"، والذي من شأنه تفويض وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة للتعاقد مع هيئة المواد النووية والشركة المصرية للرمال السوداء؛ وذلك لاكتشاف وتعدين وتركيز المعادن الاقتصادية والمنتجات الثانوية التي يمكن استخراجها من الرمال السوداء ومن ثم استغلالها اقتصادياً في مختلف ربوع الجمهورية.
وركز التقرير على تدشين مصنع استخلاص معادن الرمال السوداء في رشيد بمحافظة البحيرة على مساحة 40 فدان، وتبلغ مساحة منطقة التكريك الخاصة به نحو 9 كيلومترات، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى لوحدات استخلاص المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء في يوليو 2019، وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع أن تصل إيرادات المشروع إلى ما يعادل ثلث دخل قناة السويس نظراً لمساهمته في قطاع التصدير، فضلًا عن توفيره فرص عمل، ومن المرجح أن تصل الطاقة الإنتاجية للمصنع عند الانتهاء من اكتماله في المراحل المقبلة لنحو 150 ألف طن سنوياً من المعادن المختلفة.
وذكر التقرير أن من أبرز جهود الدولة المصرية للاستفادة من الرمال السوداء افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجمع مصانع الرمال السوداء بمدينة البرلس بمحافظة كفر الشيخ في 19 أكتوبر 2022، والذي يُعد ضمن سلسلة مشرعات قومية كبرى تهدف إلى استخلاص معادن الرمال السوداء، ومن أهم مميزات المشروع أنه يُعد الأحدث من نوعه على مستوى العالم باستخدام تكنولوجيا التعدين المتطورة، وتم تنفيذه على مساحة 35 فدان ويعتبر إضافة جديدة لسلسلة المشروعات القومية الكبرى التي تهدف إلى تعظيم الاستفادة والاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 4 مليار جنيهاً، ومدة تنفيذ استغرقت 12 شهراً، ويهدف المشروع إلى إنشاء مجمعات صناعية جديدة وتحقيق عائد اقتصادي وتوفير العملات الأجنبية من خلال تصدير الفائض وتوفير 5000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، والبعد البيئي للمشروع هو تطهير الشواطئ من المواد المشعة الضارة.
وذكر التقرير نجاح مصر خلال عامي 2021 و2022 في استكشاف الرمال السوداء بمناطق جديدة وهي، "منطقة بورسعيد البردويل، ومنطقة شرق بركة غليون، ومنطقة غرب مدينة المنصورة الجديدة، بالإضافة إلى مواقع أخرى تطل على ساحل البحر الأحمر، ولا تزال هذه المناطق تخضع لمزيد من الدراسات الاستكشافية للتأكد من حجم الاحتياطات بها.
وتوضح الدراسات أن جهود الدولة لاستغلال الرمال السوداء يمكن أن تقود إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي: تحقيق عائد اقتصادي كبير لدعم التنمية الاقتصادية بمصر خاصة أن الرمال السوداء تستخدم في صناعات محل اهتمام عالمي حالياً مثل "صناعة أشباه الموصلات والمغناطيسات فائقة القدرة"، والحفاظ على البيئة من خلال خفض مخاطر التلوث الإشعاعي حيث إن إزالة الملايين من أطنان الرمال السوداء من على السواحل تعني إزالة بعض الجزئيات من المعادن المُشعة التي لها تأثير مضر على النظام البيولوجي البحري والإنساني، فضلاً عن إمكانية مساهمة مشروعات الرمال السوداء في تنمية المجتمع من خلال توفير فرص عمل لآلاف الشباب وتطوير البنية التحتية الحيوية بما في ذلك محطات الكهرباء والغاز والمياه في مناطق الاستكشاف وهو ما يعود بالنفع على تحسين الظروف المعيشية لأبناء المناطق التي تتم بها الاكتشافات.