"مصائب قوم عند قوم فوائد" ، هذا المثل متعلق بالأزمات ، وكيفية خلق الفرص منها ، ولعل الحرب الروسية الأوكرانية التي تتم عامها الأول خلال الشهر الجاري قد خلقت العديد من الأزمات ولكنها أوجدت العديد من الفرص أيضا.
ولعل من أبرز الفرص التى نتجت عن الحرب بعد توتر العلاقات الأوروبية الروسية والعقوبات التى فرضتها القارة العجوز على الدب الروسي، وما ترتب عليها من وقف امدادات الغاز الروسي الى أوروبا والتى كانت تمثل حوالي 45٪ من استهلاك الغاز الأوروبي ، وهو ما دفع أوروبا للتوجه إلى الشرق وخلق فرص لعدد من الدول على رأسها مصر لما لما تمتلكه من احتياطى من الغاز نتج عن عدد من الاكتشافات الضخمة التي تمت في السنوات الأخيرة ولعل كان أبرزها حقل ظهر الذي استطاعت مصر من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي بل والتصدير إلى الخارج ، بجانب البنية التحتية لمحطات إسالة الغاز الثلاث التي طورتها الحكومة المصرية خلال السنوات السبع الماضية.
ويشار إلى أنه في 15 يونيو الماضي وقّعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، مذكرة تفاهم مع مصر وإسرائيل لوضع إطار مدته 5 سنوات لتعزيز صادرات غاز شرق المتوسط إلى الاتحاد الأوروبي.
وتشكل اتفاقية الاتحاد الأوروبي مع مصر وإسرائيل تحولًا تجاريًا غير مسبوق لتسويق غاز شرق المتوسط.
فقبل جائحة كورونا، كان غاز شرق المتوسط غير قادر على المنافسة تجاريًا في السوق الأوروبية؛ بسبب الإمدادات الروسية رخيصة الثمن.
وفي ظل احتياج أوروبا لتعويض قرابة 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، بات بإمكانها الاعتماد على فائض إنتاج غاز شرق المتوسط؛ بما في ذلك إنتاج قبرص، التي تمتلك ثالث أكبر احتياطيات قابلة للاستخراج في المنطقة.
ومن جانبها أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية أن مصنع إسالة الغاز الطبيعي في دمياط قد قام بتصدير 7.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال خلال عامي 2021 و2022، منها نحو 4 ملايين طن يتم تصديرها خلال العام الماضي، وهي أكبر كمية يقوم المصنع بتصديرها على الإطلاق منذ بدء تشغيله في عام 2005.
وتجعل كميات تصدير الغاز مصنع إسالة دمياط الأكبر في مجال صادرات الغاز الطبيعي المسال من مصر.
وكشفت الوزارة في بيان رسمي، أن أوروبا كانت وجهة التصدير لحوالي 60 بالمئة من صادرات الغاز المسال من المصنع.
وذكرت أن المصنع قد نجح في إنتاج وتصدير الشحنة رقم 500 من الغاز الطبيعي المسال منذ بدء عمله في 2005.
ولفتت الوزارة إلى أن المصنع قد توقف عن العمل لمدة 8 سنوات، قبل إعادة تشغيله مرة أخرى في شهر فبراير 2021.
ويتم تشغيل المصنع منذ عام 2021 من خلال تعاون بين الشركة القابضة للغازات الطبيعية "ايجاس"، وشركة "ايني" الإيطالية.
وأضافت الوزارة في البيان أن شركة "ايني" تعمل في مصر منذ عام 1954 من خلال شركتها "ايوك"، والتي تعد حاليا أكبر منتج للهيدروكاربونات في مصر بحصه إنتاجيه تصل لحوالي 350 ألف برميل مكافئ يوميا.
وقد قامت شركة ايني خلال العام الماضي بإنتاج حوالي 60 بالمئة من إجمالي الغاز المنتج في مصر.
وكانت وزارة البترول والثروة المعدنية قد أعلنت نهاية ديسمبر الماضي أن البلاد قد قامت بإنتاج نحو 50.6 مليون طن من الغاز الطبيعي خلال العام الجاري.
وحققت مصر، بحسب بيان الوزارة آنذاك، رقما قياسيا في صادرات الغاز الطبيعي، لتصل إلى 8 مليون طن هذا العام مقارنة بـنحو 7 مليون طن العام السابق.
كما بلغت قيمة ما تم تصديره من الغاز الطبيعي خلال العام حوالي 8.4 مليار دولار بالمقارنة بـنحو 3.5 مليار دولار خلال عام 2021، أي بنسبة زيادة 140 بالمئة عن عام 2021، وذلك بسبب زيادة أسعار تصدير الغاز الطبيعي المسال عالمياً.
ويذكر أنه قد تم اكتشاف حقل ظهر للغاز الطبيعي قبالة السواحل المصرية في أغسطس (2015)، وهو أكبر حقل غاز طبيعي مُكتشف في شرق البحر الأبيض المتوسط حتى الآن.
كما أن شركة إيني الإيطالية العملاقة، التي اكتشفت حقل ظهر، هي -أيضًا- المشغل الرئيس في تطوير الغاز الطبيعي بقبرص، ومن المساهمين الرئيسين في واحدة من محطتي الإسالة في مصر.
وبعد اكتشاف ظهر، بدأت إيني في الترويج لخطة تهدف إلى تجميع الغاز المصري والإسرائيلي والقبرصي واستخدام مرافق الإسالة المصرية لتسويق غاز المنطقة إلى أوروبا بتكلفة منخفضة.
صادرات الغاز المصري المسال
في عام 2019، بلغ إجمالي صادرات الغاز المسال في مصر 4.8 مليار متر مكعب، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 151% عن عام 2018.
وفي عام 2021، بلغت صادرات مصر من الغاز المسال 9 مليارات متر مكعب، وهو أعلى مستوى في 10 سنوات، ومن ثم لديها نحو 8 مليارات متر مكعب غير مستغلة لتعزيز الصادرات.
وخلال الأشهر الـ5 الأولى من عام 2022، بلغت صادرات مصر من الغاز المسال 4.7 مليار متر مكعب.
ومع ارتفاع أسعار الغاز، حاولت مصر زيادة صادراتها من الغاز المسال، خاصة إلى أوروبا؛ ففي أبريل (2022)، وقّعت إيني صفقة مع شركة إيجاس المصرية، لشحن قرابة 3 ملايين متر مكعب من الغاز المسال خلال عام 2022 إلى أوروبا وإيطاليا من محطتي إدكو ودمياط، بطاقة إجمالية 17 مليار متر مكعب سنويًا.
هو ما يعد فرصة كبيرة الغاز المصري الذي اصبح نورد العملة الصعبة بعد الارتفاع الكبير في أسواق الغاز العالمي ، وهو ما قد يحدث بشكل او بأخر من أزمة الدولار التى يعاني منها الاقتصاد المصري خصوصا مع الاكتشافات الجديدة التي تعزز دور مصر كمركز اقليمي لتصدير الغاز الطبيعي بشرق المتوسط.