على مدار العشرين عامًا الماضية، شهد قطاع الطيران في مصر سلسلة من التحديات التي أثرت على هذه الصناعة المهمة. ففي عام 2003، تراجعت نسب الإشغالات الفندقية في مصر بسبب الحرب الأمريكية على العراق، مما دفع وزارة السياحة إلى وضع خطط لتنشيط الحركة الوافدة من دول شرق آسيا وزيادة البرامج السياحية العارضة.
ومنذ ذلك الحين، شهد قطاع الطيران في مصر العديد من التحديات، بما في ذلك الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يظل قطاع الطيران المدني واحدًا من المحاور الرئيسية في إنجاح خطط التنمية الاقتصادية في مصر.
وتلعب شركات الطيران في مصر دورًا حيويًا في تشجيع الحركة الجوية والسياحية إلى مصر. ففي الوقت الحاضر، تتوفر خدمات الطيران المدني في مصر من خلال عدد من الشركات الرائدة في هذا المجال، بما في ذلك مصر للطيران والخطوط الجوية العربية المصرية والنيل للطيران والخطوط الجوية القطرية والإماراتية والسعودية والتركية والعديد من الشركات الأخرى.
تحديث البنية التحتية للمطارات المصرية
وتسعى الحكومة المصرية إلى دعم قطاع الطيران المدني في مصر عبر تنفيذ خطط وبرامج لتطوير هذه الصناعة. وتشمل هذه الخطط والبرامج الاستثمار في تحديث مطارات البلاد وتحسين خدمات الطيران المدني وتوفير البنية التحتية اللازمة لتشجيع شركات الطيران العالمية على توسيع نطاق أعمالها في مصر.
وبالإضافة إلى دعم عمليات الطيران، تعمل الحكومة المصرية على دعم قطاع الطيران بشكل عام من خلال تطوير البنية التحتية الجوية، وتحديث معدات الطيران وتقنيات الأمان، وتطوير الخدمات الأرضية لتحسين تجربة الركاب وتقليل وقت الانتظار في المطارات.
كما تعمل الحكومة على تشجيع الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطيران، وتقديم الحوافز الضريبية والجمركية لتحفيز المزيد من الشركات العالمية على الاستثمار في هذا القطاع.
مصر من أكبر الأسواق الناشئة للطيران
وتعد مصر من أكبر الأسواق الناشئة للطيران، حيث يتزايد الطلب على السفر بالطائرة من قبل الركاب المحليين والسياح، وتتنافس العديد من شركات الطيران المحلية والعالمية على تلبية هذا الطلب.
وبفضل التحديثات والإصلاحات التي تمت في القطاع، يتوقع أن يشهد الطيران المدني في مصر نموًا كبيرًا في السنوات القادمة، مما يسهم في تحسين الاقتصاد المصري وتوفير فرص عمل جديدة.
20 عاماً من الإضطرابات
ولكن على مدار العشرون عاماً كان الصدمات المتتالية تضرب في هذا القطاع الحيوي الهام للاقتصاد المصري ، حيث يعد الأكثر اضطراباً بين القطاعات الاقتصادية ولعل هذا يرجع إلى تأثر القطاع بأية احداث أو شائعات بشكل سريع ومستمر ليس محلياً فقط ولكن على المستوى العالمي أيضاً.
لذاك فقد تعرضت خطط تطوير المطارات وتحديث أسطول الطائرات الحكومية في مصر لأضرار بسبب وباء سارس وتوابع أحداث 11 سبتمبر، كما شهدت شركة مصر للطيران خسائر بنحو 400 مليون دولار في عام 2003، ومع ذلك تم استكمال الخطط.
وتأثر قطاع السياحة والطيران بشدة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية في عامي 2007 و2008، والثورة المصرية في 2011.
وفي عام 2010، حققت السياحة المصرية طفرة كبرى في أعداد السائحين الوافدين والإيرادات، لكن الأحداث السياسية في 2011 أدت إلى خسائر كبيرة بلغت نحو 35٪ من طاقة الصناعة.
كما تأثرت السياحة في مصر بسبب الحالة الأمنية الغير مستقرة في بعض المناطق والتي كانت تشهد أعمال عنف وإرهاب من جماعات متطرفة، وكانت السياحة تعد من أهم مصادر الدخل الاقتصادي لمصر، حيث تعتبر مصر وجهة سياحية مشهورة عالمياً بسبب معالمها الأثرية القديمة وشواطئها الجميلة.
كما تسبب حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء عام 2015 في تعليق رحلات الطيران الروسية والبريطانية إلى مصر، وأدى إلى إعلان العديد من دول العالم تحذيرات للسفر إلى شبه جزيرة سيناء.
لكن على الرغم من التحديات التي واجهتها السياحة في مصر خلال السنوات الماضية، إلا أنها بدأت تستعيد نشاطها وتحقق تحسناً في الأداء السياحي خلال السنوات الأخيرة، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع السياحية الكبرى وزيادة الاستثمارات في هذا القطاع. وعلى سبيل المثال، حققت مصر في عام 2019 رقماً قياسياً في عدد السياح الوافدين إلى البلاد، حيث وصل عدد السياح إلى 13.6 مليون سائح، بزيادة 13.6٪ عن العام السابق.
وبسبب جائحة فيروس كورونا، انخفضت إيرادات السياحة في مصر بأكثر من 69% خلال عام 2020، لتهبط إلى حوالى 4 مليارات دولار، مقارنة مع ما يزيد على 13 مليار دولار فى عام 2019 وذلك بسبب توقف حركة الطيران والسفر على مستوى العالم، وإغلاق الحدود بين الدول لعدة شهور للحد من تفشى العدوى من مرض كوفيد 19، واستمرت تداعيات الجائحة حتى 2021.
ويتضح من البيانات المتاحة من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، أن حركة الطيران في مصر شهدت تطورًا خلال الفترة من 2008 إلى 2020، حيث ارتفع عدد الركاب المحليين والدوليين من 14.6 مليون راكب في عام 2008 إلى 39.7 مليون راكب في عام 2019، قبل أن ينخفض بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا في عام 2020.
ومع بداية الانفراجة التى شهدتها حركة الطيران الروسي إلى مصر في عام 2021 بعد توقف دام لمدة تقرب من 6 سنوات نتيجة حادث سقوط الطائرة الروسية، لم تلبث أن تلقت الحركة الجوية ضربة جديدة في عام 2022 بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، والتى مازالت تداعيتها تؤثر على القطاع حتى الأن.