تعتبر السياحة أحد المصادر الهامة للعملة الأجنبية في مصر، ومع انتعاش الحركة السياحية العالمية خصوصا بعد أزمة كورونا وما صحبها من إغلاقات فإن ذلك ينذر بزيادة كبيرة في عدد السياح الوافدين لمصر مقارنة بالسنوات السابقة التى شهدت فيها السياحة حالة من الركود وهو ما أثر بشكل كبير على تلك الصناعة وبالتالي على نمو الاقتصاد المصري وعلى الشركات العاملة في هذا القطاع الهام.
وتشير توقعات السياحة المصرية لعام 2023 ، إلى تحقيق ارتفاعات تاريخية لم مقارنة بالعشر سنوات الأخيرة، حيث تستهدف الحكومة استقبال 15 مليون سائح أجنبي، مقارنة بـ 11.7 مليون سائح في عام 2022، مما يمثل زيادة قدرها 28٪. وتعزى هذه التوقعات إلى نمو الإقبال السياحي بنسبة 35٪ في الشهرين الأولين من العام الجاري.
وتعد هذه التوقعات مبشرة لصناعة السياحة المصرية، حيث من المتوقع أن تحقق البلاد أعدادًا تاريخية من السياح في عام 2023 إذا استمرت معدلات الإقبال الحالية.
ويعزو أعضاء منظمات السياحة هذا النمو المتوقع إلى التعاقدات والاتفاقيات التي وقعتها شركات السياحة المصرية مع شركات السياحة في العديد من الدول حول العالم، وكذلك الترويج المستمر للسياحة المصرية في المعارض الخارجية.
وفي حال تحققت هذه التوقعات، ستكون الأعداد السياحية في عام 2023 هي الأكبر المسجلة في التاريخ، متفوقة على الأعداد المسجلة في عام 2010 (14 مليون سائح) وعام 2019 (13.1 مليون سائح).
في ذات السياق أكدت البيانات الصادرة من البنك المركزي ارتفاع إيرادات السياحة في مصر خلال النصف الأول من العام المالي الحالي. وصلت الإيرادات السياحية إلى 7.3 مليار دولار، بنسبة زيادة قدرها 25.7٪ مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، حيث كانت الإيرادات 5.8 مليار دولار.
هذا النمو يرجع جزئيًا إلى ارتفاع عدد السياح الوافدين إلى مصر خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، حيث وصلت الزيارات إلى حوالي 6.8 مليون سائح، بزيادة قدرها 27.5٪ مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
كما يشير البنك المركزي إلى زيادة عدد الليالي التي قضاها السياح في مصر، حيث وصلت إلى 78.4 مليون ليلة خلال الفترة المذكورة، بنسبة نمو مماثلة قدرها 27.5٪ مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
تعد هذه الأرقام إشارة إيجابية لصناعة السياحة المصرية وتعكس استعادة الثقة في وجهة السفر إلى مصر. يعزى هذا النمو إلى عوامل مثل استمرار التعافي العالمي للقطاع السياحي، والجهود المستمرة للترويج للوجهات السياحية المصرية، وتنفيذ إجراءات صحية وسلامة مشددة لحماية السياح والعاملين في القطاع السياحي.
من جانبه، أشار الدكتور حسام هزاع، عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، إلى الإقبال الحالي على السياحة المصرية وتوقعه لتجاوز عدد السياح التوقعات الحكومية، مشيرًا إلى أن زيادة الطاقات الاستيعابية للفنادق وتوفير عروض تناسب مختلف الأسواق ستؤدي إلى زيادة إيرادات السياحة. وأشار إلى أن السياح الأجانب يفضلون زيارة مصر للاستمتاع بالسياحة الشاطئية والثقافية.
وتهدف الحكومة المصرية إلى زيادة عدد الغرف الفندقية من 210 آلاف غرفة إلى نصف مليون غرفة خلال السنوات السبع إلى العشر القادمة، مما يتطلب استثمارات بقيمة 20 مليار دولار. وتهدف الحكومة أيضًا إلى زيادة عدد الزوار إلى 30 مليون سائح سنويًا.
وأضاف هزاع، أن السياح من الدول الأوروبية والخليجية هم الأكثر زيارة للمقاصد السياحية المصرية، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب من دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية. وأضيفت مدينة العين السخنة كوجهة سياحية تستقطب السياح من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بشواطئها.
على الصعيد الاقتصادي، سجلت السياحة في مصر إيرادات بقيمة 4.1 مليار دولار خلال الربع الثالث من السنة المالية 2022/2023، بزيادة نسبتها 43.5٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. كما ارتفع عدد الليالي السياحية إلى 43.6 مليون ليلة بنسبة نمو 47.1٪.
وكانت وزارة السياحة والآثار قد وضعت استراتيجية طموحة تهدف إلى زيادة حركة السياحة إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 وتحقيق معدلات نمو سنوية تتراوح بين 25% و30%.
وتتضمن تبك الاستراتيجية ثلاثة محاور رئيسية هي:
زيادة الوصول: تشمل زيادة القدرة الاستيعابية للرحلات الجوية وتسهيل إجراءات الدخول إلى مصر. يتضمن ذلك زيادة عدد الرحلات الجوية المتاحة وتحسين البنية التحتية الجوية والمطارات لتلبية الطلب المتزايد. كما يتضمن تيسير الإجراءات الحكومية المتعلقة بالتأشيرات والجوازات والجمارك لتسهيل وتسريع وصول السياح إلى مصر.
تطوير البنية التحتية: يركز هذه المحور على تحسين البنية التحتية السياحية في مصر. يتضمن ذلك تطوير الفنادق والمنتجعات والمواقع السياحية والمعالم السياحية الأخرى. يتم العمل على تحسين البنية التحتية السياحية في المناطق الساحلية والأماكن الأثرية والمدن القديمة والوجهات السياحية الأخرى لتلبية احتياجات وتوقعات السياح.
تحسين التجربة السياحية: يهدف هذا المحور إلى تحسين تجربة السياح أثناء زيارتهم لمصر. يتضمن ذلك تعزيز جودة الخدمات المقدمة للسياح وتحسين التدريب والكفاءة للعاملين في قطاع السياحة. كما يتم التركيز على تعزيز الأمان والسلامة للسياح وتوفير تجارب فريدة ومميزة لهم.
وتتطلب هذه الاستراتيجية التعاون بين وزارة السياحة والآثار والوزارات والهيئات المعنية الأخرى في مصر. تشمل أيضًا تعزيز مناخ الاستثمار السياحي في البلاد وتعزيز التسويق السياحي لجذب المزيد من الزوار إلى مصر.
ويعتبر النجاح الذي حققته مصر في زيادة إيرادات السياحة وعدد الزوار إشارة إيجابية لفعالية الاستراتيجية والسياسات الداعمة لها.
ومن المتوقع أن تستمر مصر في تنفيذ هذه الاستراتيجية والعمل على تعزيز صناعة السياحة لتحقيق نمو مستدام وتعزيز الاقتصاد المصري.