بات قرض صندوق النقد الدولي أمل وكابوس في نفس الوقت للاقتصاد المصري، حيث ينقسم المحللون وخبراء الاقتصاد بين فريقين أحدهما يرى ضرورة حصول مصر على قرض الصندوق باعتباره قشة الإنقاذ لمصر في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التى كانت فى معظمها لأسباب خارجية وضمانة دولية تتيح لها الاقتراض من جديد، فيما يرى أخرون أن مسايرة الصندوق فى مطالبه المتعلقة بالقرض تضر بالاقتصاد وتجعله معتمد بشكل أساسي على القروض والديون كما أنه شديد الأثر على الفئات المجتمعية الأقل دخلاً وهو ما يتطلب الكثير من برامج الحماية الاجتماعية.
ولكن من الواضح أنه لا خيار أخر أمام الحكومة سوى مجاراة الصندوق خصوصاً في ظل الأقساط الواجب سدادها خلال العام الجاري 2024 والتى تبلغ وفق التقديرات الرسمية حوالي 42 مليار دولار ، وهو ما يوازي الاحتياطى النقدي لمصر تقريبا، وقد بدى من القرارات السير في الخطة الإصلاحية التى تم الاتفاق عليها مع الصندوق ولعل أولى تلك الخطوات هو استمرار سياسة التشديد النقدي وهو ما ظهر في قرار البنك المركزي المصري أمس الخميس برفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس.
وكان صندوق النقد الدولي، قد أعلن عن حدوث تقدمًا جديدًا في المفاوضات مع مصر بشأن حزمة السياسات والتمويل التي ستدعم استئناف صرف القرض البالغ ثلاثة مليارات دولار ، مشيرًا إلى أن تأخر المراجعات وصرف الدفعات في إطار البرنامج، بعد أن عادت مصر إلى الإبقاء على ربط عملتها بالدولار بشكل غير رسمي، على الرغم من التزامها بالتحول إلى نظام مرن.
وكان جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، قد أكد خلال مؤتمر صحفي، على أن أي تمويل إضافي سيعتمد أيضا على الإصلاحات الاقتصادية ذات الأولوية في إطار البرنامج، موضحًا أن صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية يناقشان تأثير الحرب في قطاع غزة على مصر.
وربط اقتصاديون ودبلوماسيون التأخير في صرف دفعات قرض صندوق النقد الدولي لمصر بعدم إحراز تقدم أسرع في خطط مصر لبيع أصول الدولة وتقليص دور الدولة في الاقتصاد لصالح القطاع الخاص.
وأوضحت بعثة الصندوق أنها قد مددت زيارتها إلى مصر لإجراء محادثات عاجلة بشأن اتفاقية محتملة حول القرض يتجاوز قيمته 10 مليارات دولار.
وأفاد تقرير لوكالة "بلومبرج" بأن مصر تجري محادثات لزيادة البرنامج الحالي البالغ قيمته 3 مليارات دولار كجزء من حزمة أكبر قد تشمل البنك الدولي، بحسب مصادر على دراية بالأمر.
وأضاف التقرير أنه لم يتضح بعد ما إذا كان صندوق النقد الدولي يطلب تعويمًا فوريًا للجنيه المصري للتوقيع على الصفقة. ومن غير المتوقع أن يكون الداعمون التقليديون للقاهرة من بين دول الخليج التي انضمت إلى عمليات الإنقاذ السابقة لمصر، جزءًا من أي اتفاق جديد، وفقًا لما ذكرته المصادر.
وأكد الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي، ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، على أن الزيادة في التمويل ستكون أمرا مهما بالنسبة لتحقيق مرونة سعر الصرف، موضحا أن تحرير سعر الصرف يتطلب وجود حصيلة كافية من النقد الأجنبي من أجل تلبية الاحتياجات الحقيقية والطلب على الدولار للمستوردين والسفر والاحتياجات الأخرى.
وأوضح أن الحصيلة الدولارية المطلوبة لمواجهة الطلب على النقد الأجنبي في هذه الحالات تتراوح بين 5 إلى 10 مليارات دولار أو أكثر، وهو ما يمكن الوصول لها مع التوصل لموافقة مبدئية مع بعثة الصندوق، والحصول على موعد لاجتماع المجلس التنفيذي للصندوق من أجل الموافقة على زيادة التمويل والمرجح حدوثه الشهر المقبل.
وفي سياق آخر، كشف الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، عن أن صندوق النقد الدولي ألزم البنك المركزي المصري برفع أسعار القائدة إلى 200 نقطة، .
ولفت إلى أنه في بعد أن قام البنك المركزي برفع سعر الفائدة سيؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على الموازنة العامة للدولة وطرح شهادات بفائدة كبيرة.
وأوضح أن صندوق النقد الدولي طالب بتحريك سعر الصرف والإسراع في الهيكلة المالية وزيادة الطروحات الحكومية وإفساح المجال أمام القطاع الخاص وتصحيح القوانين والتشريعات الخاصة بالاستثمار.
وتزور مصر حاليا بعثة من صندوق النقد الدولي لبحث رفع قيمة التمويل المخصص لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتعاون فيه الصندوق مع السلطات المصرية والذي أقره في ديسمبر 2022، بقيمة 3 مليارات دولار تصرف على شرائح خلال فترة 46 شهرا، وصرفت منه مصر الشريحة الأولى فقط بنحو 347 مليون دولار.ش