أثار تراجع إنتاج أكبر حقل غاز ظهر في مصر الكثير من التساؤلات، إذ إنه يُعد أحد أهم مصادر الوقود لمحطات الكهرباء والصناعات الاستراتيجية، بالإضافة إلى دوره في تأمين الإمدادات إلى محطات الإسالة من أجل تصدير الفائض إلى الخارج.
ووفق بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) هبط إنتاج حقل ظهر المصري مؤخرًا إلى نحو ملياري قدم مكعبة يوميًا، من ذروة الإنتاج البالغة 2.8 مليار قدم مكعبة المسجلة في 2021.
ودفع انخفاض الإنتاج المستمر من أكبر
حقل غاز في مصر إلى مخاوف حول قرب نضوب حقل ظهر، وأن الوضع الحالي يشكّل تراجعًا
طبيعيًا بعد وصوله إلى ذروة الإنتاج مع نفاد الاحتياطيات، وعدم إضافة مخزونات
جديدة إليها خلال السنوات الماضية.
فتحت بيانات حديثة، اطلعت عليها منصة
الطاقة المتخصصة، حول احتياطيات حقل ظهر باب الجدل حول العمر المتبقي لأكبر حقل
غاز في مصر، بعد أن خفضت شركة إيني الإيطالية
(Eni) الاحتياطيات القابلة للاستخراج إلى 10
تريليونات قدم مكعبة.
ووضعت التقديرات الجديدة حقل ظهر في
المرتبة الثالثة، كونه أكبر حقول الغاز في شرق المتوسط، ليحلّ خلف أكبر حقلين في
إسرائيلي (ليفياثان، وتمار)، بعد أن كان الحقل الأكبر باحتياطيات 30 تريليون قدم
مكعبة، أي ما يعادل 5.4 مليار برميل نفط مكافئ، وفق البيانات المعلنة في عام 2015
من جانب مصر عند اكتشاف الحقل.
وبلغت الاحتياطيات المتبقية في حقل
ظهر نحو 5.02 تريليون قدم مكعّبة من الغاز في نهاية عام 2023، وفقًا لبيانات نشرة
أميركية متخصصة، أي نصف قيمة الاحتياطيات الفعلية، وهو ما يعني إمكان استمرار
الإنتاج لـ7 سنوات مقبلة بالمعدلات الحالية، حال عدم إضافة احتياطيات جديدة.
وبحسب منصة الطاقة المتخصصة ومتابعتها
للجوانب الفنية، فإن الاحتياطيات المؤكدة هي الاحتياطيات القابلة للاستخراج من
باطن الأرض، فعادة ما يجري إعلان احتياطيات ضخمة لحقل ما (سواء نفط أو غاز)، ويتضح
بعد ذلك أن ما يمكن استخراجه من باطن الأرض أقل بكثير أو أكبر أحيانًا.
شكّل بدء الإنتاج من حقل ظهر في 15
ديسمبر/كانون الأول من عام 2017 بعد اكتشافه بنحو عامين فقط، ثورة في قطاع الطاقة
في مصر، إذ نجح في عودة مصر إلى تصدير الغاز مرة أخرى، بعد سنوات من استيراده.
وأسهم أكبر حقل غاز بمصر في تحقيق
البلاد الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول شهر سبتمبر 2018، والعودة إلى التصدير، بعد
أن تحولت إلى دولة مستوردة منذ عام 2015.
وانخفض إنتاج حقل ظهر من الغاز من
ذروة بلغت 2.74 مليار قدم مكعّبة في الربع الثالث من عام 2021، إلى ملياري قدم
مكعّبة حاليًا، وفي ظل عدم وجود مشكلات فنية، حسبما تؤكد القاهرة، فإن التراجع
يُعد علامة على بلوغ الحقل ذروة الإنتاج وبدء مرحلة التراجع الطبيعي.
وكانت تقارير قد أشارت إلى تعرض إحدى
آبار حقل ظهر لتشققات، وحدوث تسربات لمياه البحر بداخلها، ما دفع الشركة المشغلة
إلى وقفها عن الإنتاج، وهو السبب الرئيس وراء الانخفاض الكبير في حجم إنتاج الحقل.
ونفت وزارة البترول والثروة المعدنية
في يوليو الماضي وجود أي مشكلات تقنية، مشددة على أن حقل ظهر يعمل بأعلى كفاءة
وبكامل طاقته الإنتاجية.
لمواجهة التناقص الطبيعي لإنتاج أكبر
حقل غاز في مصر، تنفذ وزارة البترول بالتعاون مع شركة إيني خطة لتطويره، تتضمن حفر
عدد من الآبار الجديدة لزيادة الاحتياطيات المؤكدة ومواصلة الإنتاج لسنوات عديدة
مقبلة.
وعادة ما تتضمن خطة تطوير حقول النفط
والغاز بعد اكتشافها تحديد عدد السنوات المقرر استمرار العمل بها، إذ تبدأ الإنتاج
تدريجيًا حتى تصل إلى ذروته، وهو ما يعني عدم إمكان رفع إنتاج الحقل إلى أعلى من
هذه المستويات، ويجري تثبيت ذروة الإنتاج من خلال مواصلة عمليات حفر الآبار.
وبالنظر إلى حقل ظهر نجد تراجعًا في إنتاجيته، ضمن ما يمكن تسميته "النضوب الطبيعي"، ويمكن معالجة النضوب من خلال العمل على معالجته بزيادة عدد الآبار، من أجل الحفاظ على المكمن واحتياطياته القابلة للاستخراج.