تنقسم آراء مراقبي النفط حول ما إذا كان تحالف "أوبك+" سيمضي قدماً في خططه لزيادة الإمدادات في الربع الرابع، وسط تراجع الأسعار وهشاشة السوق العالمية.
من بين 23 متداولاً ومحللاً استطلعت "بلومبرغ" آراءهم، توقع 10 فقط أن ينفذ التحالف، الذي تقوده المملكة العربية السعودية وروسيا، زيادة كاملة في الإنتاج قدرها 543 ألف برميل يومياً. فيما رجح ثلاثة آخرون إجراء زيادة جزئية في الإمدادات، وتوقع البقية عدم إجراء أي زيادة على الإطلاق.
تظهر هذه الانقسامات بالآراء وسط غموض بعض الإشارات الصادرة عن التحالف نفسه، فبعد الإعلان عن خطط تعزيز الإنتاج، دفع هبوط أسعار النفط الخام وزراء الدول الأعضاء في "أوبك+" للتأكيد على إمكانية تأجيل التنفيذ.
قلصت منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها الإمدادات على مدار عامين تقريباً في محاولة لدعم الأسعار، وهم يسعون الآن إلى إعادة الإنتاج تدريجياً. وتُعتبر الزيادة المقررة في الربع الرابع جزءاً من خطة تستهدف استعادة إنتاج 2.2 مليون برميل يومياً بحلول أواخر 2025.
مع ذلك، يمكن أن تتعطل خطط التحالف بسبب النمو الاقتصادي المتعثر في الصين، التي تُعد مستهلكاً رئيسياً للنفط، إضافة إلى الإمدادات النفطية الجديدة من الأميركتين. وتراجعت أسعار النفط إلى نحو 80 دولاراً للبرميل في لندن، وهو مستوى منخفض للغاية لتغطية الإنفاق الحكومي لدى العديد من أعضاء "أوبك+".
قدم كل من العراق وروسيا وكازاخستان، خطة لإجراء "التخفيضات التعويضية" خلال الفترة المحددة التي تنتهي في سبتمبر 2025، وفقاً لبيان صادر عن "أوبك".
عن ذلك، قال ألدو سبانجر، استراتيجي السلع في "بي إن بي باريبا" (BNP Paribas SA)، إن التحالف "سيرغب في إبقاء جميع الخيارات متاحة أمامه. وبغض النظر عن الزيادة المقررة في أكتوبر، لا أتوقع أن تكون السوق قوية كفاية لاستيعاب مزيد من إمدادات (أوبك) بدون حدوث انخفاض كبير في السعر".
تعتزم الدول الرئيسية الأعضاء في "أوبك+" عقد اجتماع افتراضي عبر الإنترنت في الأول من أغسطس المقبل لمناقشة التطورات. وبعد تراجع الأسعار الشهر الماضي عقب الكشف عن خطط التحالف بزيادة الإمدادات؛ أشار المسؤولون إلى أن هذا القرار قد يتغير في الاجتماع المرتقب.
لكن منذ ذلك الحين يقول المندوبون إن اجتماع أغسطس سيكون على الأرجح عبارة عن جلسة "روتينية" بدون إصدار أي توصيات جديدة على سياسة التحالف. ولو حدث ذلك فعلاً؛ سيتيح هذا الأمر للتحالف إمكانية التفكير في القرار حتى الاجتماع المقرر عقده في أوائل سبتمبر، عندما تُحدد مواعيد تحميل شحنات النفط للشهر التالي.
من ناحية أخرى، فإن المضي قدماً في زيادة الإمدادات سيمكن دول "أوبك+" من استعادة أحجام المبيعات التي فقدتها خلال التخفيضات التي بدأت منذ أواخر 2022. وربما يرحب بعض أعضاء التحالف بهذه الخطوة، مثل الإمارات العربية المتحدة، التي كانت حريصة على الاستفادة من استثماراتها في القدرات الإنتاجية الجديدة.
في الوقت نفسه، ربما يوفر ذلك بعض الراحة للمصدرين مثل روسيا والعراق وكازاخستان، الذين تأخروا في تنفيذ حصتهم المتفق عليها من تخفيضات الإنتاج. وقد تعهد الثلاثي بتخفيضات إضافية لتعويض عدم الالتزام بالاتفاق، لكن تاريخهم سيئ في الوفاء بمثل هذه التعهدات.
مع ذلك، أكد وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن التحالف يمكنه "التوقف مؤقتاً أو التراجع" عن زيادة الإنتاج.
قالت كارول نخلة، الرئيسة التنفيذية لشركة "كريستال إنرجي" (Crystal Energy)، في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبرغ": "لست متأكدة بالكامل من أنهم سيتراجعون عن التخفيضات. فربما تشعر السوق في الوقت الراهن بنقص الإمدادات، لكننا نتوقع أن تصبح أكثر توازناً بحلول نهاية العام الجاري".
تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية، الواقع مقرها في باريس، إلى أنه مع تباطؤ اقتصاد الصين وارتفاع الإنتاج الأميركي، ربما يظهر فائض نفطي جديد إذا مضى تحالف "أوبك+" قدماً في زيادة الإمدادات بالربع الرابع.
قالت وكالة الطاقة الدولية إن أسواق النفط العالمية تواجه فائضاً "كبيراً" خلال الفترة المتبقية من العقد الجاري.
سجلت الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، أضعف نمو اقتصادي لها في خمسة أرباع سنوية، مع تعثر الواردات وبطء عودة مصافي التكرير للعمل بعد خضوعها للصيانة. ومع ذلك، أظهرت الدولة بعض علامات القوة مع ارتفاع مشتريات النفط الخام من الشرق الأوسط.
بالرغم من أن تراجع أسعار النفط الخام يوفر راحة للمستهلكين والبنوك المركزية التي تعاني من التضخم المستمر، فإنه قد لا يصب في صالح تحالف "أوبك+".
وتحتاج المملكة العربية السعودية إلى وصول أسعار النفط لمستويات قريبة من 100 دولار للبرميل لتمويل الإنفاق السخي على تحولها الاقتصادي، الذي يشمل المدن المستقبلية واللاعبين الرياضيين المتميزين، وفق بيانات صندوق النقد الدولي.
محطة "الشعيبة"، المجمع الضخم الذي يضم غلايات عملاقة ومداخن شاهقة، تعد معقل القوى التي تعيد صياغة سوق الطاقة
كما انخفضت توقعات النمو الاقتصادي في المملكة بأكبر قدر بين الدول التي يتتبعها صندوق النقد الدولي، ويُتوقع أن تشطب مليارات الدولارات من استثماراتها في بعض مشاريع التنمية الرئيسية المتواجدة ضمن المخطط الاقتصادي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
قال هاري تشيلينغويريان، رئيس أبحاث النفط في شركة "أونيكس كوموديتيز" (Onyx Commodities)، إن "تحالف (أوبك+) سيحتاج إلى الحفاظ على الخفض الطوعي الحالي لتعويض النمو في إمدادات الدول المنافسة. وهذا سيساعد على منع تدهور التوازنات العالمية في نهاية العام، وسيبقى الحد الأدنى للأسعار عند حوالي 80 دولاراً للبرميل".