رحب خبراء ومصرفيون بقرار البنك المركزي الروسي بإدراج الجنيه المصري على قائمة العملات الأجنبية التي يتم التعامل معها بالروبل الروسي، وقالوا إن هذه الخطوة سيكون لها تأثير إيجابي للغاية على كبح جماح الارتفاع غير المبرر في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري، فضلا عن مزايا عديدة للاقتصاد المصري الذي يعتمد بصورة كبيرة على واردات القمح الروسية، وعائدات السياحة الروسية أيضا. واعتبر خبراء أن إدراج الجنيه على قائمة العملات الروسية، يأتي متوافقا مع اتجاه الدولة لتخفيف حدة الطلب على الدولار.
وأشاروا إلى أن مساحة التبادل التجاري بين مصر وروسيا كبيرة، خاصة بالنظر إلى عنصري "القمح" و"السياحة" تحديدا، وهو ما سيسهل عملية التبادل بين البلدين، بالاعتماد على كل من الجنيه والروبل، بعيدا عن الدولار، مما سيكون له أثر على خفض الطلب على الدولار من ناحية، وسرعة إتمام هذه التبادلات بين مصر وروسيا من جانب آخر، دون الحاجة إلى انتظار توافر العملة الأمريكية لدى أي منهما، خاصة وأن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا يقدر حاليا بنحو 4,7 مليار دولار، وفقا لإحصائيات عام 2021، وهو رقم كبير نسبيا، فضلا عن أن مصر ستستفيد كذلك من السياحة الروسية الوافدة إليها في الحصول على الروبل الروسي بسهولة في عمليات التبادل التجاري.
وقال آخرون إن هذه الخطوة بشكل عام في صالح مصر، وتساهم في استقرار سعر الدولار في السوق المحلية، كما سيقل الاحتياج إلى الاعتماد على قروض خارجية لتلبية الاحتياجات الدولارية .
وأعرب آخرون عن أملهم، وتوقعاتهم، بأن تتخذ الصين التي ترتبط بعلاقات ومصالح تجارية كبيرة مع مصر، باتخاذ خطوة مماثلة قريبا بشأن التعامل بين الجنيه المصري واليوان الصيني، خاصة في ظل امتلاء السوق المصرية بالسلع والمنتجات الصينية.
كما أكد خبراء أن القرار الروسي من شأنه أن يعطي قوة دافعة جيدة للجنيه المصري في مواجهة الدولار الأمريكي، علما بأن سعر صرف العملة الأمريكية مقابل الجنيه المصري بدأ يستقر تحت سقف الثلاثين جنيها للدولار منذ قرابة أسبوع، ويسجل حاليا 29,78 جنيه، بينما يساوي الروبل الروسي الواحد حاليا 44 قرشا، أي أن الجنيه المصري الواحد يساوي 2,29 روبل تقريبا.
وعلى الرغم من أن بعض الخبراء رجحوا أن تكون استفادة قطاع السياحة المصري من القرار طفيفة نوعا ما، قياسا بقطاع التجارة، فإن آخرين أكدوا أن تطبيق نظام "مير" الروسي الذي تم الإعلان عنه مؤخرا، هو طوق نجاة لزيادة حركة السياحة الروسية إلى مصر، وبالتالي، استفادة مصر من السياحة الروسية الوافدة إليها في الحصول على الروبل المطلوب للتبادل التجاري.
وكان البنك المركزي الروسي قد أدرج قبل أيام عددا من العملات للتقييم أمام الروبل الروسي، ومن بينها الجنيه المصري والدونج الفيتنامي والدينار الصربي والدولار النيوزيلاندي والريال القطري، وغيرها، في قائمة العملات الأجنبية التي يتم التعامل بها.
جدير بالذكر أن مصر اعتمدت بشكل أكبر على واردات القمح الروسي العام الماضي على الرغم من الانخفاض الحاد في وارداتها من القمح، وتحركات لتنويع مصادر مشترياتها منه.
فعلى الرغم من انخفاض واردات مصر من القمح من روسيا 6,7% في عام 2022، فإن حصة روسيا، بما في ذلك مشتريات الهيئة العامة للسلع التموينية الحكومية المصرية والقطاع الخاص، ارتفعت إلى 57% من 50% في عام 2021.
وقبل أيام، أعلنت الشركة القابضة لمصر للطيران عن تشغيل 1250 رحلة طيران عارض خلال عامي 2021 - 2022 وحتى الربع الأول من العام الجاري، من بينها 470 رحلة جوية نقلت 150 ألف سائح روسي من العاصمة الروسية موسكو مباشرة إلى شرم الشيخ والغردقة، وسط توقعات بزيادة أعداد السائحين الروس إلى مصر في موسم الشتاء الحالي.
ونظام "مير" يشير إلى شركة خدمات مالية روسية تقدم بطاقات بنكية للبنوك، مقرها موسكو، ومملوكة لشركة تتبع البنك المركزي الروسي، وهو عبارة عن نظام دفع إلكتروني أنشأه المركزي الروسي أواخر عام 2015 لتنفيذ جميع مدفوعات الرعاية الاجتماعية والمعاشات التقاعدية من خلاله، وبات لهذا النظام دور حيوي في روسيا بعد خروج فيزا وماستر كارد من البلاد بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا.