من غرفة تحكم مظلمة في هيوستن، راقب رافائيل غويديس عبر شاشة كمبيوتر، روبوتاً يتولى مسؤولية حفر في حقل نفط في داكوتا الشمالية، مما أدى إلى استبعاد العامل البشري.
أضاءت مربعات حمراء متوهجة الشاشة عندما تولى برنامج ذكاء اصطناعي قيادة منصة الحفر البعيدة "نابورز إندستريز" (Nabors Industries)، مرسلاً تعليمات عبر الأقمار الصناعية واتخذ قرارات سريعة لحظية للحفر عبر الصخور بأسهل طريقة ممكنة. ويقدّر غويديس، مدير أدوات الأداء بالشركة، أن البرنامج المقدم من شركة "كورفا" (Corva) سيوفر على المشغل البشري نحو 5000 أمر أثناء حفر البئر ويزيد السرعة بنسبة لا تقل عن 30%.
قال غويديس إن "كل هذا آلي،
فأداة الحفر لا تحتاج إلى الضغط على أي شيء"، مشيراً إلى خط أخضر على الشاشة
يتتبع مسار الحفارة تحت الأرض. وتابع: "الآن يمكنك توفير قدراتك الذهنية
لاستخدامها في شيء آخر".
لطالما استخدمت صناعة النفط الذكاء
الاصطناعي في المهام المساندة، مثل تحليل المسوحات الزلزالية، على أن يواصل البشر
إجراء عمليات الحفر والتكسير الهيدروليكي. لكن الشركات تستخدم بشكل متزايد الآن
الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والعمليات عن بُعد للحفر بشكل أسرع، واقتراح طرق
أفضل للتكسير الهيدروليكي والتنبؤ بموعد فشل مضخات الآبار النشطة. والهدف من هذه
التكنولوجيا الناشئة هو خفض التكاليف والمساعدة في استخراج مزيد من النفط من باطن
الأرض، ما قد يهدد بتقويض جهود منظمة الدول المصدرة للنفط لكبح إنتاج النفط
العالمي ورفع الأسعار.
قال سوبود ساكسينا، نائب الرئيس الأول
في "نابورز": "بلغ معدل الاستخلاص من النفط الصخري 8%. وإذا كان من
الممكن تحسين ذلك، فإن المردود سيكون هائلاً".
يكتسب الذكاء الاصطناعي المتقدم موطئ
قدم في حقول النفط، حيث يركز القائمون على الحفر والمنتجون بلا كلل على تحسين
الكفاءة. ورغم أن هذه التكنولوجيا تُعتبر قيد التجربة حول العالم، فإن الولايات
المتحدة قد تكون المكان الأهم الذي يجب متابعته. فلطالما كانت أحواض النفط الصخري
في تكساس وداكوتا الشمالية والولايات الأخرى بمثابة مختبرات لاكتشاف طرق أسرع
وأرخص لضخ النفط، مما جعل الولايات المتحدة أكبر منتج في العالم.
وعلى مدار الأعوام الخمسة الماضية،
استطاع المقاولون تقليص يوم واحد من الأسبوعين اللازمين لحفر بئر، وثلاثة أيام من
المتوسط البالغ 11 يوماً اللازم للتكسير الهيدروليكي، وفقاً لمزود بيانات الصناعة
"كيمبرلايت إنترناشونال أويلفيلد ريسيرش"
(Kimberlite International Oilfield Research). وحدث هذا من خلال مزيج واسع من التقنيات والأساليب الجديدة، مثل حفر
آبار أفقية يصل طولها إلى 3 أميال. والآن ظهر الذكاء الاصطناعي الذي يعد بتحقيق
مكاسب أكبر.
من المفترض أن يؤدي تحسين الكفاءة إلى
خفض التكاليف. ويتوقع جيمس ويست، المحلل لدى شركة "إيفركور" (Evercore)، أن تبدأ الشركات في
الترويج لتوفير التكاليف من خلال الذكاء الاصطناعي في الأرباع المالية القليلة
المقبلة، موضحاً أنه "سيكون هناك وفورات كبيرة في التكاليف، بما لا يقل عن
10%، وربما تتراوح بين 25% و50% في سيناريوهات محددة".
لا يزال من السابق لأوانه معرفة
التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على الوظائف خاصة أنه ما زال في مرحلة الانتشار.
لكن هذه التكنولوجيا قد تساعد الشركات في التغلب على نقص العمالة الذي شهدته في
الأعوام الأخيرة. فقد أظهر استطلاع أجرته "إيرسويفت هولدينغز" (Airswift Holdings)،
وهي شركة توظيف في حقول النفط، إلى انفتاح موظفي قطاع الطاقة حول العالم على
الذكاء الاصطناعي، حيث قال معظمهم إنه قد يعزز رضاهم عن العمل والإنتاجية.
ولا يقتصر اختبار هذه التكنولوجيا على
التكوينات الصخرية، بل إنها تُختبر أيضاً في حقول النفط البحرية. فقد أعلنت شركة
"إس إل بي" (SLB)، أكبر مزود لخدمات النفط بالعالم، في يناير أنها حفرت بشكل آلي
أجزاء من خمس آبار قبالة سواحل البرازيل، مما أدى إلى تسريع وقت الحفر بنسبة 60%.