أرسلت روسيا هذا العام كمية غير مسبوقة من النفط عبر الدائرة القطبية الشمالية، ورغم أن هذا الطريق الجديد يسرع من وصول الشحنات إلى الصين، إلا أنه يمر عبر منطقة بيئية حساسة.
حتى الآن هذا العام، استخدمت ما لا يقل عن 15 ناقلة، تحمل حوالي 10.7 مليون برميل من النفط الخام، الطريق البحري الشمالي، وهو الاسم الذي يُطلق على المسار الممتد على طول ساحل روسيا الشمالي. يقارن هذا مع مجموع 14 سفينة نقلت حوالي 10.5 مليون برميل خلال كامل موسم الملاحة في العام الماضي. لا يزال هناك شهر قبل أن تصبح المياه جليدية جداً ويصبح العبور خطيراً للغاية.
ومع رسو 3 ناقلات نفط -كانت قد عبرت المسار مرة واحدة هذا الموسم- فارغة قبالة ميناء مورمانسك القطبي الروسي، فضلا عن التوقعات بوصول ناقلتين أخريين إلى هناك في أوائل أكتوبر، هناك الكثير من الفرص لتحطيم الرقم القياسي للشحنات في العام الماضي. بإمكان السفن الخمس وحدها أن ترفع حجم الشحنات هذا العام إلى أكثر من 14.4 مليون برميل.
العقوبات الغربية وهجمات الطائرات المسيرة الحوثية في البحر الأحمر زادت من جاذبية مسار الشحن الذي يمتد لمسافة 2500 ميل عبر الجزء الشمالي من روسيا، كونه الطريق الأقصر إلى الصين من موانئها الغربية. وتجدر الإشارة إلى أن درجات الحرارة المرتفعة فتحت الطريق أمام التجارة العالمية ولكنها في الوقت نفسه أثارت مخاوف بشأن الأثر البيئي لزيادة حركة المرور.
تتوقع الحكومة الروسية انخفاض عائداتها من النفط والغاز خلال السنوات الثلاث المقبلة بسبب انخفاض أسعار الطاقة والنظام الضريبي الأكثر تساهلاً لشركة "غازبروم".
"العزلة، ونقص البنية التحتية، والظروف البيئية القاسية في القطب الشمالي تعني تحديات لوجستية وتشغيلية كبيرة يجب التغلب عليها" حال حدوث تسرب نفطي، وفقاً للاتحاد الدولي لمالكي الناقلات المعني بالتلوث، وهي منظمة غير ربحية تأسست نيابة عن ملاك السفن حول العالم لتعزيز استجابة فعالة للتسربات البحرية للنفط والمواد الكيميائية والمواد الخطرة الأخرى.
سلوك هذا المسار يمكن أن يقلص الزمن اللازم لنقل البضائع من الموانئ الواقعة على بحر البلطيق إلى المشترين الرئيسيين في الصين إلى أكثر من النصف. و يمكن أن يتم توفير المزيد من الوقت بالنسبة للشحنات القادمة من المحطات القطبية في مورمانسك.
تستغرق الرحلة عادة أكثر من أسبوع بقليل لعبور الساحل الشمالي لروسيا من نوفايا زيمليا في الغرب إلى مضيق بيرينغ في الشرق. ومن هناك، يستغرق الأمر عادة حوالي 12 إلى 14 يوماً إضافياً للوصول إلى الموانئ حول شنغهاي أو تلك الموجودة في شمال الصين. وهذا يقارن بأوقات الرحلات التي تبلغ حوالي شهر ونصف الشهر من بحر البلطيق إلى شنغهاي عبر قناة السويس، أو ما يصل إلى 50 يوماً من ميناء مورمانسك في القطب الشمالي.
اتفقت شركة "غازبروم" الروسية مع شركة البترول الوطنية الصينية على زيادة تدفقات الغاز عبر خط أنابيب "قوة سيبيريا" للسعة القصوى مع نهاية السنة الحالية.
كان من المقرر أن يمتد موسم الملاحة لعام 2024 لطريق البحر الشمالي من 1 يوليو إلى نهاية نوفمبر، ولكن تم تقصيره بسبب "البداية المبكرة لتكوين الجليد بسبب الكمية الكبيرة من الجليد المتبقي، وخاصة في القطاع الشرقي من القطب الشمالي"، وفقاً لشركة الطاقة النووية الحكومية روساتوم (Rosatom)، التي تدير الطريق.
سيؤدي ذلك إلى إغلاق المسار أمام السفن غير المُصممة لكسر الجليد اعتباراً من 15 أكتوبر، وأمام جميع السفن باستثناء أقوى ناقلات كسر الجليد بحلول أوائل نوفمبر.
أغلب السفن التي تستخدم هذا الطريق هي سفن حديثة نسبياً مملوكة لشركة الشحن الروسية العملاقة "سوفكومفلوت" (Sovcomflot). ولكن هذا العام، سلكت العديد من السفن القديمة -وهي أعضاء في أسطول الظل من الناقلات التي تم بناؤها للالتفاف على العقوبات الغربية على تداول النفط الروسي- هذا المسار أيضاً.
نصف السفن التي سلكت طريق الشمال البحري هذا العام تقريباً عمرها لا يقل عن 15 عاماً، مقارنةً بحوالي ثلث الناقلات التي استخدمت الطريق العام الماضي.