أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة مضطرة للتعامل مع تحديات خارجة عن إرادتها، لما لها من تأثير مباشر على مصر، شارحا تأثير التطورات الراهنة في المنطقة على الإمدادات اللوجيستية للطاقة بخلاف السعر، وتأثيراتها على انتظام وصول الشحنات، وتداعيات ذلك على تكلفة النقل.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي عقده مدبولي اليوم الأربعاء عقب اجتماع الحكومة بمقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور أحمد كجوك وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
وقال إن ما يشغلنا جميعا في الوقت الراهن هو الشأن الإقليمي، مؤكدا أن المنطقة تمر حاليا بمرحلة شديدة الاستثنائية لم تمر بها من قبل منذ عدة عقود، موضحا أنه حتى في الفترات التاريخية التي كانت فيها الدولة طرفا في حروب مباشرة كان هناك توجه واضح للأحداث، وكانت هناك إمكانية للتخطيط بناء على معطيات قائمة بالفعل على الأرض، لكن في ظل المرحلة الحالية فإن الوضع يتغير يوميا، حيث تعيش المنطقة حالة شديدة من عدم اليقين.
وفي هذا السياق، لفت إلى أن الحكومة تعمل على التعامل مع هذا الوضع من خلال حزمة من الإجراءات والسياسات، والتي تمثل في جزء منها ردة فعل للتعامل مع الأحداث الحالية، وفي الوقت نفسه تعمل الدولة كذلك على وضع مجموعة من السيناريوهات التي يتم تغييرها باستمرار نتيجة للتطورات والمستجدات الراهنة.
وساق رئيس مجلس الوزراء مثالا على ذلك، حيث أشار إلى زيادة سعر برميل البترول بنسبة ١٠% خلال أسبوع واحد فقط، موضحا أن سعر البرميل كان يتراوح بين ٧٢ إلى ٧٣ دولارا، لكن اليوم تجاوز سعره ٨٠ دولارا نتيجة للتطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة.
كما لفت إلى حجم العبء الذي تتحمله الدولة المصرية في هذا الشأن، مشيرا إلى أن الخطورة ليست فقط في زيادات الأسعار، بل إن هناك تقديرات من مؤسسات دولية تتوقع أن يتجاوز سعر برميل البترول ١٠٠ دولار، في حالة استهداف مشروعات للبنية الأساسية في المنطقة، موضحا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء استثنائي طوال الفترة القريبة الماضية، على الرغم من الأحداث الأخيرة، ومشيرا إلى استمرار انتظام توفير الكهرباء والغاز وتدبير الطاقة اللازمة للمصانع.
وأضاف رئيس الوزراء: إذا تعرضت المنطقة لحرب إقليمية ستكون هناك تداعيات شديدة، وستضطر الدولة بالتالي إلى التعامل مع ما يمكن وصفه بـ "اقتصاد حرب"، ولذا فمن الضروري أن تهتم الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة.
واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي : مهم جدا أن نعي، مواطنون وحكومة، هذا الموضوع، موضحا أنه تم التأكيد خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم على مزيد من الحوكمة والترشيد في كل النفقات، وكذلك الاستهلاك، وذلك تحسبا للأوضاع القادمة والسيناريوهات الأسوأ، حتى يتسنى للحكومة تحديد آليات التحرك في هذا الشأن.
وأضاف رئيس الوزراء: هناك تكليفات واضحة جدا لوزراء: البترول والثروة المعدنية، والكهرباء والطاقة المتجددة، والمالية، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون مع محافظ البنك المركزي، وذلك بصدد ضمان عدم حدوث أي تأثير سلبي على الدولة المصرية بأكبر قدر ممكن، مشيرا إلى أنه قام بتوضيح تلك النقاط لشرح ما يحدث اليوم في المنطقة وتأثيره الشديد على الدولة المصرية.
وأضاف: ظهرت سيناريوهات بأن تستمر الحرب في لبنان لفترة طويلة، وبالتالي لا بد من معرفة تداعيات ذلك الأمر وتضمينه في السيناريوهات التي تضعها مصر.
وأكد رئيس الوزراء أنه على الرغم من كل هذه الظروف المحيطة، فإن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على النمو الاقتصادي وجذب وتحسين مناخ الاستثمار، مشيراً إلى أن تقارير المؤسسات الدولية توكد على إيجابية الرؤية المستقبلية لمصر، وأن مصر أثبتت قدرتها على الصمود، والاستمرار في تلك الظروف شديدة الصعوبة، ورغبة القطاع الاستثماري الخارجي في الاستثمار داخل مصر خلال الفتره المقبلة، وهو ما يجعلنا اليوم نعلن عن حزمة إصلاحات هيكلية سواء كانت إصلاحات ضريبية أو إصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار. وفي هذا السياق، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى تدشين مشروع رأس الحكمة، الذي يتم بالشراكة بين الدولة المصرية وشقيقتها دولة الإمارات، وقال : شرفنا بتواجد سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في ضيافة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإطلاق هذا المشروع التنموي الضخم، بحجم استثمارات ضخم للغاية يؤمن استثمارات مستدامة تكون متواجدة علي مدار فترة التنمية، وهو ما يخلق مئات الآلاف من فرص العمل للشباب المصري، وتوفير مساحة لأكثر من مليوني نسمة، وهو ما يعد إضافة كبيرة جداً للأقتصاد المصري، ورسالة واضحة بالثقة في الاقتصاد الوطني، وقدرات الدولة على تأمين الاستثمارات الخارجية المباشرة، وهو ما تحرص عليه الدولة بتوفير مشروعات مثيلة فى الفترة القادمة لخلق فرص عمل ونمو الإقتصاد المصري، وتوفير العملة الصعبة، وهو ما يساعد في استقرارها.