الثلاثاء 05 نوفمبر

تعدين وطاقة

تنامي الطلب على الغاز الطبيعي عالميا لا يقابله انتاج كافي


أنابيب للغاز الطبيعي بأحد حقول الغاز

تواجه إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة تأجيلات، لا سيما التي تم الاتفاق على مشاريعها منذ سنوات توقعاً لزيادة الطلب، مما يهدد بإطالة أمد أزمة الطاقة العالمية.

تتسبب هذه التأجيلات من الولايات المتحدة إلى موزمبيق في تأخر أي تخفيف فوري للأسعار المرتفعة، رغم استثمارات تزيد قيمتها عن 200 مليار دولار كان من المفترض أن تحول سوق الغاز الطبيعي المسال إلى فائض في العرض بحلول عام 2025.

تنتظر بعض الدول الإمدادات الجديدة من الغاز بفارغ الصبر. فلم تشهد ألمانيا نمواً متتالياً لمدة فصلين منذ ما قبل أزمة الطاقة التي أضرّت بقطاعها الصناعي. بينما شهدت أوروبا موسمي شتاء معتدلين في السنوات الأخيرة، قد تؤدي التوقعات بانخفاض درجات الحرارة في بعض المناطق هذا الموسم إلى زيادة المنافسة مع آسيا على الوقود، مما يزيد من احتمالية حدوث نقص في الدول التي لا تستطيع تحمّل ارتفاع الأسعار.

قال إيرا جوزيف، زميل في "مركز سياسة الطاقة العالمية" بجامعة كولومبيا: "تحاول السوق بناء قدرات جديدة غير مسبوقة في فترة زمنية قصيرة. وهذا ليس سهلاً".

أكدت مجموعة من مستوردي الغاز اليوم أن الغاز الطبيعي المسال سيكون ضرورياً لعقود لضمان توفير الطاقة الكافية، حتى مع اتمام عملية تحول العالم نحو مصادر أكثر نظافة.

ترجع التأخيرات إلى عدة عوامل، منها تمديد أعمال الإنشاءات في مشاريع التسييل في تكساس والمكسيك، والعقوبات الغربية التي تعيق مصنع "أركتيك إل إن جي 2" في القطب الشمالي الروسي. وفي الوقت ذاته، يتزايد الطلب العالمي، ويدخل مشترون جدد، حيث أصبحت مصر مستورداً صافياً هذا العام، بعد مشاكل في الإنتاج وصيف حار للغاية.

من المتوقع أن يرتفع الاستهلاك العام المقبل مقارنة بعام 2024، جزئياً نتيجة التحول التدريجي إلى الغاز في قطاعي الطاقة والنقل في آسيا، وفقاً لما صرحت به فلورنس شميت، استراتيجية الطاقة في "رابوبنك". أشارت إلى أن أي إضافات إلى الإمدادات في النصف الثاني من عام 2025 قد تأتي متأخرة جداً لتلبية الطلب المتزايد.

خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو إنتاج الغاز الطبيعي المسال في عام 2025 في تحديثها الأسبوع الماضي. وأفادت في تقريرها الفصلي بأن الإنتاج العالمي سيصل إلى ما يقارب 580 مليار متر مكعب في 2025، مقارنةً بتوقعاتها السابقة التي تجاوزت 600 مليار متر مكعب.

كما سيكون التخفيف محدوداً في العام التالي، وفقاً لشركة "وود ماكنزي"، التي خفضت تقديراتها للإمدادات الإضافية بنحو 16% مقارنة بحسابات أجريت قبل ستة أشهر.

قال لوكاس شميت، محلل في "وود ماكنزي": "ما زال هذا يمثل زيادة سنوية كبيرة، لذا فإن الضغط التنازلي على الأسعار يبقى محوراً رئيسياً لعام 2026. ومع ذلك، فإن التأخيرات جعلت الانخفاض المتوقع في الأسعار أقل وضوحاً مما كان عليه في بداية العام".

على الرغم من أن أسعار الغاز الحالية انخفضت بشكل كبير عن الذروات التي شهدتها في عام 2022، إلا أن العقود الآجلة القياسية في أوروبا لا تزال تقارب ضعف مستوياتها قبل الأزمة، عندما خفضت روسيا تدفق الغاز عبر الأنابيب إلى المنطقة. ويعود السبب جزئياً إلى الاعتماد المتزايد على الغاز الطبيعي المسال، حيث تنافس أوروبا الآن المشترين من جميع أنحاء العالم، وتتجه الإمدادات إلى المزايد الأعلى.

توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يصل الطلب العالمي على الغاز الطبيعي إلى أعلى مستوى على الإطلاق العام المقبل وسط المنافسة على الوقود المنقول بحراً بين آسيا وأوروبا

الأمر الأكثر إثارة هو أن الطلب على الغاز الطبيعي المسال من المتوقع أن يرتفع بشكل كبير بحلول نهاية العقد، مع ازدهار الذكاء الاصطناعي وزيادة الحاجة إلى مراكز البيانات التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة.

وتوقعت "ماكنزي" أن تشكل متطلبات الذكاء الاصطناعي 5% من احتياجات الطاقة في أوروبا بحلول عام 2030، بينما تتوقع "بلاك روك" (BlackRock) زيادة استهلاك الطاقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنحو 50% خلال السنوات العشر القادمة. كما قد يرتفع الطلب على الغاز في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 30% بحلول 2030 مقارنة بالمستويات الحالية، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إنتليجنس".

قال مارك سيمونز، رئيس قسم توليد الغاز والطاقة في "توتال إنرجيز"، في مؤتمر حديث في لندن: "لم نشهد نمواً كبيراً في إمدادات الغاز الطبيعي المسال، لكن الطلب كان في ارتفاع". وأضاف أن السوق "ضيقة إلى حد ما، ونتيجة لذلك، تظل أسعار الغاز الأوروبي مرتفعة، حيث يشعر المتداولون بالقلق مما قد يحدث في فصل الشتاء".