توقع "صندوق النقد الدولي" أن يواصل القطاع غير النفطي في دول الخليج خلال العامين الحالي والمقبل، مسيرة النمو التي حققها في السنوات الأخيرة، في وقت اعتبر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور، أن هذا القطاع سيكون قاطرة النمو في هذه الدول.
أزعور أشار في مقابلة مع
"الشرق" على هامش الإعلان عن تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق
الأوسط وآسيا الوسطى، إلى أن القطاع شهد "استمرارية" خلال السنوات
الماضية، رغم تقلب أسعار النفط، معتبراً أن هذا الأمر ناتج عن استراتيجيات التنوع
الاقتصادي التي كانت وتيرتها "مقبولة أو مرتفعة نسبياً، إذا ما قورنت بمعدل
النمو العالمي".
قدّر الصندوق أن يبلغ نمو القطاع غير
النفطي في دول الخليج 3.7% هذه السنة، ليتسارع إلى 4% خلال العام المقبل، وهي نفس
التقديرات التي أوردها في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر بوقت سابق هذا الشهر.
أظهرت البيانات الواردة في تقرير آفاق
الاقتصاد العالمي الصادر يوم الثلاثاء الماضي، تفاوتاً في تقديرات صندوق النقد
لنمو اقتصاد عدد من الدول العربية والعالمية.
أزعور رأى أن استمرارية النمو في
القطاع غير النفطي في دول الخليج تعود إلى عوامل رئيسية، وهي السياسات والإصلاحات
المعتمدة من قبل هذه الدول، والتي ساهمت برفع مستوى الإنتاجية، فضلاً عن استثمارها
في قطاعات واعدة، بالإضافة إلى "القدرة السريعة على الخروج من أزمة كورونا،
وهذا ميّز دول الخليج عن باقي دول العالم".
أما فيما يتعلق بالمستقبل، فأشار
أزعور إلى أن عملية التنوع الاقتصادي تركز على 4 محاور، الأول هو الاهتمام بقطاعات
واعدة كـالذكاء الاصطناعي والمناخ، والثاني يتمثل في إضافة قطاعات جديدة إلى
الاقتصاد، ضارباً بقطاع الترفيه في السعودية مثالاً، والثالث هو الاستثمار في
"البنية البشرية"، معتبراً أنه "ساهم بشكل كبير جداً في الاقتصاد
السعودي"، على غرار خفض مستويات البطالة ورفع مشاركة المرأة، وأخيراً زيادة
"عملية تنويع مداخيل الدول، ما يسمح لدول الخليج بأن تكون أقل حاجة إلى
إيرادات النفط".
قدّر الصندوق أن يبلغ النمو في دول
الخليج 1.8% خلال العام الجاري، على أن يتسارع في العام المقبل إلى 4.2%، ويتوقع
أن تصل معدلات التضخم إلى 1.8% خلال العام الجاري، و1.9% خلال العام المقبل.
شهدت أسعار النفط تقلبات كبيرة هذه
السنة ما أثر على اقتصادات الدول المنتجة. فعلى سبيل المثال أعاد الهجوم الصاروخي
الإيراني في الأول من أكتوبر علاوة الحرب على النفط، ما دفع مؤشر "غرب تكساس
الوسيط" إلى ما يزيد عن 75 دولاراً للبرميل في وقت سابق من هذا الشهر. ومع
ذلك، فإن الأسعار أقل بنحو 20 دولاراً عن الجلسة الأولى بعد هجوم 7 أكتوبر الذي
أشعل فتيل الصراع العام الماضي.
قالت كريستالينا غورغييفا، المديرة
العامة لصندوق النقد الدولي، إنها منفتحة على تعديل أي برنامج بما يخدم الظروف على
أفضل وجه، في إشارة إلى الاتفاق الموقع مع مصر.
أشار أزعور في هذا السياق إلى أن تغير
أسعار النفط يؤثر على اقتصادات الدول النفطية، و"يُضاف إلى المعادلة حجم
التصدير"، معتبراً أن "القطاع غير النفطي في الدول المنتجة يتأثر بكمية
الإنتاج"، بالتالي فإن "الأسعار هي جزء من المعادلة، وكمية الإنتاج هي
جزء آخر، خصوصاً بعد تمديد اتفاق أوبك+".
في سبتمبر الماضي، اتفقت السعودية
وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عُمان، على تمديد
تخفيضاتها الطوعية الإضافية لإنتاج النفط البالغة 2.2 مليون برميل يومياً لمدة
شهرين حتى نهاية نوفمبر 2024.
وتتجه كل الأنظار حالياً نحو خطط
"أوبك+" لاستعادة الإنتاج تدريجياً بدءاً من ديسمبر، وانقسم المتداولون
حول ما إذا كان التحالف سيمضي قدماً في خطته أم لا. ونقلت "رويترز" عن
مصادر لم تحددها أن تحالف "أوبك+" قد يؤجل خطط استعادة إنتاج النفط في
ديسمبر، في حين لم يصدر أي بيان أو موقف عن التحالف.
أزعور لفت إلى أن الاستمرار في تنفيذ
اتفاق "أوبك+" من شأنه أن يدعم استقرار الأسعار، ولكنه يخفض القدرة على
التصدير والإنتاج، وهو ما له "انعكاس على الناتج المحلي النفطي، وميزان
المدفوعات أو الحسابات الخارجية، ونسب الاحتياطي".