كشفت أرقام مبيعات عدد من شركات تصنيع السيارات الكهربائية مؤشرات سلبية عن مستقبل الانتشار، ومدى الإقبال المأمول الذي تنشده الحكومات والمنظمات البيئية لخفض انبعاثات النقل.
وتراجعت مبيعات 3 من كبريات شركات السيارات العالمية -هي: بي واي دي الصينية، وتسلا الأميركية، وفولكسفاجن الألمانية- منذ مطلع العام الجاري 2024 حتى الآن، مقارنة بمبيعات العام الماضي.
وبحسب تحديثات المبيعات، تباين مستوى المبيعات حسب التوزيع الجغرافي، وكانت المبيعات الأميركية وفي بعض أنحاء أوروبا تتجه إلى التراجع، مقابل إقبال آسيوي.
وفي حين تكافح السيارات العاملة بالبطاريات لتجاوز عوامل ضغط عدة حتى تتمكن من زيادة المبيعات، فإن التحذيرات ما زالت تتوالى من حجم انبعاثات تصنيعها مقارنة بانبعاثات تصنيع سيارات محرك الاحتراق الداخلي.
كشفت بيانات مبيعات السيارات الكهربائية للشركات الـ3 السابق ذكرها فجوة بالمقارنة بالعامين السابق والجاري، وفق بيانات فصلية.
وقادت أكبر شركة تبيع السيارات الكهربائية في العالم "بي واي دي" الصينية تراجع المبيعات، إذ باعت ما يقارب 300 ألف سيارة كهربائية خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ526 ألف سيارة في الربع الرابع من العام الماضي.
وبلغت مبيعات شركة تسلا الأميركية 386.800 سيارة فقط خلال الربع الأول من العام الجاري، انخفاضًا من 484.500 سيارة في الربع الرابع نهاية العام الماضي، حسب إحصاءات رصدتها صحيفة الديلي ميل.
وتكرر الأمر ذاته مع شركة فولكسفاغن الألمانية، إذ سجلت مبيعاتها 136.400 و180.800 سيارة في الربعين الأول والثاني من العام الجاري، وكلا الرقمين أقل من مبيعات الربع الأخير من العام الماضي البالغة 239.500 سيارة.
أدى انهيار مبيعات عدد من كبريات الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية إلى إجراءات أشد صرامة في الصناعة، فيما يُشير إلى أن "ثورة كهربة النقل" محاطة بالكثير من التحديات التي تعرقل أهداف خفض الانبعاثات.
واضطرت شركة فولكسفاجن الألمانية إلى إغلاق 3 مصانع لها، وقلصت الوظائف، فيما يُعد تحولًا عن مسار دعم السيارات النظيفة بوصفها سيارات صديقة للبيئة وأحد حلول أزمة المناخ.
ورصد خبيران في جامعتين أستراليتين تراجعًا في السوق العالمية للسيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات، التي قد يصل متوسط تكلفتها في المملكة المتحدة إلى 46 ألف جنيه إسترليني.
وانتقد كل من: المحاضر في جامعة نيو ساوث ويلز بسيدني ميلاد حغاني، وأستاذ سلاسل التوريد في جامعة سوينبورن التقنية هادي غديري، تكلفة إنتاج السيارات الكهربائية.
وأرجعا تراجع المبيعات في أميركا وبعض أنحاء أوروبا إثر إلغاء الحوافز والدعم أو تقليصها، مقابل ارتفاع مبيعات دول آسيوية (مثل الصين والهند) نتيجة فتح السوق أمام سيارات بكين الكهربائية الأقل تكلفة من نظيراتها.
برّر الباحثان عزوف المستهلكين عن شراء السيارات الكهربائية بالمخاوف والتحديات التي تواجه العملاء، والتي لم توفر الشركات المصنّعة حلولًا لها حتى الآن.
ومن بين هذه المخاوف: انخفاض تكلفة إعادة بيع الطرازات الكهربائية مقارنة بتكلفة إعادة بيع السيارات التقليدية العاملة بالبنزين والديزل.
ويعود ذلك إلى تدهور حالة البطارية بمرور الوقت، ما يؤثر سلبًا في نطاق السيارة وأدائها، فضلًا عن الشكوك بعد تكرار حوادث احتراقها في أكثر من موقع.
ويمكن تحديد التحديات الرئيسة أمام السيارات العاملة بالبطاريات في ضعف انتشار البنية التحتية الخاصة بالشحن، ما يقلّص مدى السيارات ونطاقها خلال الرحلات.
ويُضاف إلى ذلك ما تتعرّض له إطارات هذه السيارات من تآكل، وينعكس تدريجيًا على صحة سائقي السيارات إثر انتشار الجزيئات المطاطية في الهواء وتراكمها في الجهاز التنفسي.
من زاوية أخرى، تهدّد السيارات الكهربائية البنية التحتية القائمة بالفعل نتيجة مدى الثقل الذي تفرضه بطاريات الليثيوم أيون على الإطارات، ومن ثم على الطرق.
ودفعت المخاوف السابقة العديد من المستهلكين إلى الإقرار بعدم الاعتداد بهذه السيارات حلًا بيئيًا مناسبًا لخفض انبعاثات النقل.
ولفت خبير صناعة السيارات في جامعة أنجليا روسكن البريطانية، توم ستاسي، إلى أن بطاريات السيارات تعتمد على معادن مثل: الليثيوم، والألومنيوم، والنيكل، والمنغنيز، والكوبالت، ولا تستعمل المعادن الأرضية النادرة.
ووفق هذه المعلومات، تفوق انبعاثات إنتاج السيارات العاملة بالبطاريات نظيرتها العاملة بالبنزين بنحو 70%.
ومقابل ذلك نفى أكاديميون صحة هذه التقديرات، إذ كشفت دراسة صادرة عن المجلس الدولي للنقل النظيف عام 2021 إسهام السيارات العاملة بالبطاريات بأدنى قدر انبعاثات.