للأسبوع الثاني على التوالي، يحذر الخبير الاقتصادي الشهير الدكتور محمد العريان من أوضاع اقتصادية صعبة قادمة.
تحذيرات كبير المستشارين الاقتصاديين في "أليانز إس إي" ورئيس كلية "كوينز كامبريدج" جاءت من خلال حديث له عبر قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، وأيضا من خلال مقال كتبه رن أكبر في الأسواق، وعلى المستهلكين أيضا توقع عام آخر على الأقل من زيادة معدلات التضخم.
العريان طالب المستثمرين بالاستعداد بهذه الموجة من التقلبات في حالة تراجع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن إجراءات التحفيز التي كان قد بدأها خلال فترة جائحة كورونا، وقال بوضوح: "أشعر بالقلق قليلاً"، مطالبا بنك الاحتياطي الفيدرالي بأن يعمل على التخفيف من الحوافز النقدية.
ويمضي الخبير المصري الأمريكي قائلا: "إذا كنت مستثمرًا، فسأدرك أنني أشهد موجة سيولة ضخمة بفضل الاحتياطي الفيدرالي، لكنني أتذكر أن الموجات تميل إلى الانهيار في مرحلة ما، لذلك سأكون منتبهًا للغاية".
وتوقع العريان سيناريو غريبا، وعاما آخر على الأقل من التضخم، واختناقا في سلسلة التوريد، نتيجة لعوامل عارضة، إذ قال إن الأمور بالنسبة لللتضخم ستزداد سوءا خلال الفترة المقبلة قبل أن تتحسن، مضيفا أن "الأمور ستزداد سوءا قبل أن تتحسن، لذلك، سنواجه المزيد من النقص في السلع، وستكون لدينا أسعار أعلى، وسيظل التضخم في مستوى 4 إلى 5٪".
تحذيرات العريان ليست الأولى من نوعها، فقبل أسبوعين فقط من الآن، كانت له تحذيرات مشابهةن حيث قال إن الأسواق ترسل إشارة واضحة إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي لبدء تقليص مشترياته من الأصولن عقب تقرير الوظائف الخيب للآمال، بحسب تعبيره، مشيرا في تصريحات لـ"بلومبيرج" أيضا إلى أن السوق تفضل حالياً خفض شراء الأصول عن رفع معدلات الفائدة، لذا، فإن الرسالة من السوق إلى الاحتياطي الفيدرالي هي المضي قدمًا وخفض مشتريات السندات".
وكان العريان يتحدث تحديدا عن بيانات الوظائف الشهرية الأمريكية، والتي أظهرت إضافة 194 ألف وظيفة جديدة في سبتمبر الماضي، وهو رقم يعتبر أقل كثيرًا عن المتوقع، البالغ 490 ألف وظيفة، كما انخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة من 5,2% إلى 4,8%، بينما استقر معدل المشاركة في سوق العمل.
وفي سياق آخرن تحدث العريان أيضا عن تأثيرات أزمة عملاق العقارات الصيني "إيفرجراند" على ما يحدث، مشيرا إلى أن "عدوى" إيفرجراند" بدأت تظهر في الأسواق بالفعل، فعلى الرغم من سيطرة الدولة الصينية على الموقف بشكل عام، فإن الأزمة نجمت عنها عمليات بيع في أسواق الأسهم العالمية تشير إلى أن المستثمرين يعيدون النظر في مدى استدامة الاستثمار في الصين.
وعلى الرغم من أن مصر تبدو قادرة حتى الآن على امتصاص موجة التضخم العالمية بصورة كبيرة، لم تنتج عنها ارتفاعات ضخمة حتى الآن، بسبب عوامل داخلية في الاقتصاد، ومن بينها تراجع فاتورة استيراد المنتجات البترولية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من مجموعة لا بأس بها من السلع الأساسية، وتوافر مخزون جيد من بعض السلع، ليبقى معدل التضخم في نطاق 8% في سبتمبر مقارنة بـ6,4% في أغسطس الماضي، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن التوقعات تشير أيضا إلى أن بعض التأثيرات العالمية الرئيسية سيكون لها تأثير على ارتفاع الأسعار في مصر، مثل أسعار البترول العالمية التي أدت إلى رفع أسعار الوقود في السوق المصرية، والزيادة المستمرة في تكاليف شحن البضائع، والارتفاع العالمي في أسعار سلع أساسية مثل الذرة الصفراء والأعلاف.
كل هذا سينتج عنه بالتأكيد استمرار الارتفاعات في أسعار السلع والخدمات في مصر، بصورة يشعر بها المستهلك، الذي لا يزال يعاني بالفعل من تأثيرات جائحة كورونا، وسيظهر ذلك في صورة أساسية في ارتفاع في أسعار بعض السلع مثل اللحوم والدواجن.
ولكن مما يخفف وطأة هذه الارتفاعات أكثر من الحد المطلوب زيادة مساحة الأراضي الزراعية في مصر، والأهم من ذلك، وجود توقعات بأن يتدخل البنك المركزي في الوقت المناسب بشكل استباقي ويرفع أسعار الفائدة، بهدف منع وصول معدل التضخم إلى 9%.