أكد الدكتور "إبراهيم عشماوي"، مساعد أول وزير التموين للاستثمار ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن التغيرات التي يشهدها العالم توحي باقتصاد عالمي جديد في ظل استمرار تبعات أزمة كورونا، وعلى مستوى التضخم في الأسعار وتباطؤ سلاسل الإمداد وتراجع معدلات الإنتاج وزيادة أسعار الشحن والطاقة عالميًا.
جاء ذلك خلال ندوة الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال تحت عنوان "الاقتصاد العالمي ..إلى أين؟"، بمشاركة سفير لبنان بالقاهرة ، السفير "علي الحلبي".
وأوضح "عشماوي" خلال كلمته رؤية القطاع الخاص للتعامل مع التحديات الاقتصادية الجديدة، وأن التجارة التقليدية عبر سلاسل الإمداد المختلفة بدايةً من جائحة كورونا تغيرت تمامآ، وبدأ ظهور حجم تجارة إلكترونية عالميًا كبير جدًا.
وأضاف "عشماوي" أن قطاع التجارة أحد أهم عوامل إسراع النمو في اقتصاد الدول لأنه المسؤول عن توافر العوامل المهمة في اقتصاديات الدول الأعلى من حيث إجمالي الناتج المحلي، وهى زيادة الاستهلاك وزيادة الإنتاج، والاستثمار والادخار، لافتًا إلى أن أمريكا تعد أكبر منتج ومستهلك بي العالم، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي 23 تريليون دولار، تليها الصين باجمالي 15 تريليون دولار كأكبر مستثمر من حيث حجم التجارة، ثم اليابان من حيث الادخار.
وقال إن قطاع التجارة الداخلية في مصر ملف استراتيجي ومحوري لدفع النمو الاقتصادي، مشيرًا إلى أن مساهمة القطاع قفز بعد أزمة كورونا من %14 إلى %17 حاليًا من إجمالي الناتج المحلي، وتصل النسبة إلى %21 مضافًا إليها بعض الأنشطة التجارية واللوجستية والموردين.
وأضاف أنه وفقًا لتوقعات الخبراء بدأ الاقتصاد في العالم يعاود مرة أخرى إلى النمو، حيث من المتوقع نسبة نمو %5.6 خلال العام الجاري، مع تغيير شامل لقنوات التجارة من خلال التحول إلى التجارة الإلكترونية في أوروبا في عام 2050.
وقال أن التحدي المقبل لتجاوز ما يشهده الاقتصاد فى العام الحالي في ظل تداعيات أزمة كورونا بالإضافة إلى التضخم العالمي وزيادات أسعار الطاقة والشحن وتكلفة السلع، هو كيفية التعامل على مراكز التكلفة حتى تصل السلع والخدمة بشكل جيد وبسعر تنافسي.
وأكد "عشماوي" أن الفترة المقبلة تتطلب إعادة النظر في منظومة البنية التحتية للتجارة العالمية، خاصةً وأن أسعار الشحن والنقل أضافت أعباء على المستهلك تصل إلى %40، موضحًا أن الفترة المقبلة ستشهد اختزال سلاسل الإمداد لتوفير السلع بأقل تكلفة من خلال توصيل السلعة من باب المصنع وأماكن الإنتاج إلى المستهلك النهائي.
ولفت إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في مصر ينمو بدرجة كبيرة منذ بداية أزمة كورونا إذ قفز حجم عمليات الشراء ببطاقات الائتمان والدفع المسبق من 3.6 مليار دولار إلى 4.9 مليار دولار العام الماضي، وهي التي تمت فقط عبر منصات إلكترونية والدفع المسبق بخلاف الدفع الكاش بعد الاستلام، مشيرًا إلى أنه نتيجة للمتغيرات العالمية لأزمة سلاسل الإمداد اتجهت الحكومة للاستثمار بقوة في تهيئة البنية التحتية لقطاع التجارة من خلال إقامة مستودعات ومراكز إستراتيجية لزيادة الاحتياطي من السلع النهائية وحوكمة الدعم بجانب الاهتمام بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوطين التكنولوجيا في الصناعة والأنشطة الاقتصادية والخدمية لمنظومة الدفع والتجارة الإلكترونية، حيث أصبحت التكنولوجيا هي المحرك الرئيسي والنمو لأي صناعة أو تجارة.
وأضاف أن الحكومة نجحت خلال أزمة كورونا في زيادة الاحتياطي من مخزون السلع التموينية والإستراتيجية نهائية الصنع إلى ما يغطي 5.6 شهر من الاستهلاك، ونتيجة لذلك لم تتأثر الأسواق من نقص في أي سلعة، مقارنةً بما حدث من أزمات في العديد من دول العالم.
وأوضح "عشماوي" أن حجم الفاقد فى تخزين الأقماح وصل في السنوات الماضية إلى %20 نتيجة انخفاض القدرة التخزينية ومنظومة تداول الأقماح، مشيرًا إلى وجود 76 صومعة من الجيل الثالث بسعات تخزينية 60 و90 و120 ألف طن مما زاد من مستوى كفاءة التخزين والتداول من 1.2 مليون طن إلى 4 ملايين طن.
وأكد”عشماوي” أن الاستهلاك الشهري للمصريين للأغذية يبلغ 60 مليار جنيه ويتضاعف في شهر رمضان حيث يصل إلى 120 مليارًا، أي أن شراء الأغذية يبلغ 700 مليار جنيه تقريبًا من حجم الإنفاق.
وقال "عشماوي" ك أن آخر تقرير لوكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني حول إنفاق المصريين، توقع زيادة في حجم الإنفاق من 2.1 تريليون جنيه العام الماضي إلى 2.7 تريليون جنيه، مما يعادل ثلث مدخرات المصريين البالغة نحو 6.2 تريليون جنيه بالقطاع المصرفي المصري منذ إنشائه.
وأكد أن مخصصات دعم المحروقات بلغت العام الماضي 321 مليار جنيه بينما بلغت فاتورة دعم الغذاء 89 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن إجمالي المستفيدين من الدعم حاليًا 64 مليون مواطن من بين دعم سلعي أو نقدي مشروط، بينما نحو 72 مليون مواطن مستفيد من دعم رغيف الخبز مقابل 74 مليون مواطن من المستفيدين من الدعم قبل تنقية قاعدة البيانات بالوزارة.
وردًا على سؤال سفير لبنان لدى القاهرة ، "علي الحلبي"، حول إمكانية وجود بديل لتخفيف الدعم، قال "عشماوي" إن الحكومة تقوم بدراسات لحوكمة الدعم حيث تم تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء للنظر في شكل وحجم الدعم وعلى مستوى المستفيدين، في إطار توجيهات الرئيس "عبدالفتاح السيسي" بالعمل على تطوير منظومة الدعم.
من جانبه، أعرب رجل الأعمال اللبناني "فؤاد حدرج"، نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، خلال كلمته بالندوة عن حبه الشديد لمصر والمصريين لما وجده في هذا البلد ما تعجز كلمات الحب والتقدير عن وصفه من المساعدة والاحترام منذ أربعين عاما.
من جهته، أكد الأمين العام للجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، "علاء الزهيري"، ضرورة أن نضع سيناريوهات التعامل مع التحديات التي تحدث على الساحة الاقتصادية عالميًا نتيجة انعكاسات كورونا وآثارها على التضخم والركود وارتفاع الأسعار عالميًا، ليتجاوزها الاقتصاد المصري، وللحفاظ على ما تم تحقيقه من معدلات نمو في فترة صعبة على المستوى الإقليمي والدولي.