الجمعة 22 نوفمبر

تعدين وطاقة

العقوبات النفطية الغربية ضد روسيا باتت "أكثر إيلامًًا"


ناقلة تابعة لشركة "سوفكومفلوت" الروسية

تتجه مصافي النفط الهندية –ثاني أكبر عملاء موسكو بعد الصين منذ غزو 2022– إلى التوقف عن قبول الخام من الناقلات المملوكة لشركة "سوفكومفلوت" (Sovcomflot) التي تديرها الدولة بسبب المخاطر التي تشكلها العقوبات.

ومنذ بداية أكتوبر، شددت الولايات المتحدة العقوبات على الأسطول الأوسع من الناقلات التي تنقل النفط الروسي. ولا يزال العشرات من السفن المستهدفة تقبع منذ ذلك الحين، كما تطفو المزيد من السفن الناقلة للديزل الروسي بلا وجهة محددة في المحيطات أكثر من أي وقت مضى منذ 2017، وفقاً لشركة التحليلات "كبلر".

ومن شأن هذه التحركات مجتمعة أن تقلص عائدات النفط الروسية تدريجياً، وهو هدف سياسي رئيسي للولايات المتحدة وحلفائها في سعيهم لإحباط العدوان العسكري الذي شنه الرئيس فلاديمير بوتين.

اتسم النهج الذي تبنته مجموعة السبع في التعامل مع العقوبات المفروضة على روسيا برفضها التسبب في أي ضرر لاقتصاداتها في هيئة ارتفاع أسعار النفط. توصلت واشنطن إلى ما يسمى بسياسة سقف الأسعار على وجه التحديد لتخفيف العقوبات التي تم تحضيرها في بروكسل. ومنذ أن بدأت الحرب قبل عامين، واصلت روسيا تصدير كميات هائلة من النفط.

في حين أنه ليس من المتوقع إجراء تخفيضات جذرية في العرض في هذه المرحلة، فإن السؤال هو إلى أي مدى ستذهب الجهات التنظيمية الغربية في تشديد الخناق بينما تتجه أسعار النفط نحو 90 دولاراً للبرميل، ويبدأ الرئيس جو بايدن حملة انتخابية مرهقة مع تضخم مؤلم لا يزال يسيطر على عقول الناخبين.

قال ريتشارد برونز، رئيس الشؤون الجيوسياسية في "إنيرجي أسبكتس" (Energy Aspects) الاستشارية: "إنه ضغط متزايد على تدفقات الصادرات الروسية، خاصة إلى الهند. نحن في مرحلة أصبحت فيها الآثار المرتبطة بالعقوبات واضحة للغاية".

منذ أكتوبر، أضافت الولايات المتحدة 40 ناقلة نفط روسية إلى قائمة العقوبات. وتواصل أربع من السفن المستهدفة مؤخراً في إجراء عمليات التسليم، لكن لم تقم أي سفينة خاضعة للعقوبات بتحميل شحنة خام منذ أن أضافتها وزارة الخزانة الأميركية (للقائمة)، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات التي جمعتها بلومبرغ.

والآن، وجهت البيئة التجارية الصعبة على نحو متزايد ضربة رمزية قوية للكرملين، في ظل تجنب الهند -الحليف التجاري القوي طوال الحرب- أسطولها. وفي الوقت نفسه، بدأت أوكرانيا في استهداف مصافي النفط الروسية، رغم أنه ليس من الواضح مدى الدعم الذي تحظى به هذه الاستراتيجية في واشنطن.

وقال غريغ برو، المحلل في "أوراسيا غروب" (Eurasia Group) في نيويورك: "نشهد بالتأكيد ضغوطاً متزايدة من العقوبات الأميركية على كل من الخام الروسي والصادرات.. يأتي ذلك في وقت تكافح الولايات المتحدة لإرسال المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا، وحيث بدأت حظوظ أوكرانيا في ساحة المعركة في الانحدار، وحيث يبدو أن روسيا أصبحت لها اليد العليا".

نقلت "سوفكومفلوت" التي تديرها الدولة نحو خُمس إجمالي شحنات الخام الروسية إلى الهند العام الماضي. ويبدو أن هذه النسبة تتقلص حتى قبل ورود أنباء عن أن مصافي (الهند) لن تقبل السفن بعد الآن.

قال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية: "نتوقع ونرحب بأن يكون مشترو النفط العالميون أقل استعداداً للتعامل مع (سوفكومفلوت) عما كانوا عليه في الماضي"، مضيفاً أن الإجراءات يجب ألا يكون لها تأثير على سوق النفط لأن روسيا سُتبقي على حافز لبيع النفط".

والآن سيحتاج هذا الأسطول إلى البحث عن وجهة أخرى، وهناك دلائل على أنه يواجه صعوبات. إذ توقفت سبع سفن على الأقل في البحر الأسود واختفت من أنظمة المراقبة الرقمية، حسبما أظهرت بيانات بلومبرغ لتتبع الناقلات. واعترفت "سوفكومفلوت" هذا الأسبوع بأن العقوبات أضرت بعملياتها.

قالت جانيس كلوغ، الباحثة البارزة في أوروبا الشرقية وأوراسيا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين: "إن استهداف (سوفكومفلوت) يمثل تشديداً كبيراً للعقوبات الأميركية ضد روسيا.. لن يحل مشكلة التحايل، لكنه سيزيد تكاليف الشحن وتخفيضات أسعار النفط الروسي".

ومع ذلك، لا يزال بإمكان روسيا الاعتماد على ما يسمى بـ"أسطول الظل" من السفن التي تم تجميعها بعد وقت قصير من غزو 2022، وهي غالباً ما تكون سفن قديمة بدون تأمين مناسب ولديها ملكية غير واضحة، لتوصيل شحناتها. وبحسب بعض التقديرات، هناك ما يصل إلى 600 ناقلة عاملة، إلى جانب الناقلات اليونانية التي تواصل خدمة التجارة بموجب سقف الأسعار الذي وضعته مجموعة السبع.

تعد كلفة تسليم النفط الروسي ضخمة. إذ تبلغ تكلفة تسليم شحنة بحر البلطيق إلى الصين حوالي 14.50 دولار للبرميل، وفقاً لبيانات من "أرغوس ميديا" (Argus Media). وتشير تقديراتها إلى أن أكثر من نصف هذا المبلغ يُعزى إلى العقوبات.