من المتوقع أن يستمر الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة خلال العقود المقبلة، رغم التحول المتسارع إلى الطاقة المتجددة، وفق تقرير صادر عن منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" بعنوان "آفاق النفط حتى عام 2050".
رغم التحولات نحو مصادر الطاقة البديلة؛ "سيظل النفط والغاز عنصرين أساسيين في مزيج الطاقة العالمي لعقود قادمة. إذ سيبقى الطلب على النفط مستقراً، خاصة في القطاعات التي يصعب فيها التحول إلى الطاقة المتجددة مثل الطيران والشحن. بالتوازي ذلك، من المتوقع أن يشهد الغاز الطبيعي زيادةً في الطلب باعتباره وقوداً نظيفاً نسبياً مقارنةً بالنفط والفحم"، بحسب التقرير.
وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان كان أوضح، خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض بشهر أبريل، أن عملية التحول نحو الطاقة الخضراء تواجه تحديات متعددة منها عدم وضوح السياسات وغياب الحوافز ومستلزمات الإنتاج والتطوير. كما استعرض، مطلع العام في مؤتمر التعدين الدولي، خطة المملكة لما أسماه عملية "تجسير" العلاقة بين استخدام الطاقتين التقليدية والمتجددة، والتي تقوم على التخفيض التدريجي العادل والمنظم والمنصف في استخدام مصادر الطاقة التقليدية، لاسيما أن العديد من الدول المستهلكة، وليست المنتجة فحسب، غير قادرة على التخلّي عن هذه المصادر لعدم وجود بديل مُجدٍ لديها حالياً.
يمثل النفط حالياً 30.9% من إجمالي مصادر الطاقة المستخدمة. بينما تبلغ حصة الغاز الطبيعي 23%، سترتفع بحلول منتصف القرن إلى 24% ليحل بدلاً من الفحم كثاني أكبر مصدر للطاقة. في حين لا تمثل الطاقة المتجددة من الشمس والرياح أكثر من 3.2%.
كان أمين عام "أوبك" هيثم الغيص تساءل بمقالٍ نشرته "الشرق" في يوليو: "هل من المنطقي أن نتصور أن مصادر الطاقة المتجددة وحدها قادرة على تلبية التوسع المتوقع للكهرباء؟". شارحاً: "استثمر العالم أكثر من 9.5 تريليون دولار في "التحول الطاقي" على مدى العقدين الماضيين، رغم ذلك، فطاقة الرياح والشمس لا تزالان توفران ما يقل قليلاً عن 4% من طاقة العالم، كما أن المركبات الكهربائية على مستوى العالم لا تزيد عن 2% إلى 3%. وفي تقريرها الأخير عن توقعات الطاقة الجديدة، ذكرت "بلومبرغ إن إي إف" أن سيناريو الانبعاثات الصفرية سيكلف العالم 250 تريليون دولار بحلول عام 2050".
على صعيد الإمدادات، توقعت "أوبك" أن يرتفع المعروض من الخام إلى 120.1 مليون برميل يومياً بحلول منتصف القرن، من مستواه الحالي البالغ 102.2 مليون برميل.
لكن التقرير أشار إلى مزيج من التحديات أمام النفط كوقود حتى منتصف القرن، فمن المتوقع أن تلعب السيارات الكهربائية والهجينة دوراً متزايداً في تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، لكن سيبقى الطلب على النفط قوياً -وفق التقرير- بسبب اعتماد الكثير من الدول على البنزين والديزل كوقود أساسي للنقل البري والجوي والبحري.
تَعتبر "أوبك" أن التكنولوجيا تمثل العامل الأساسي الذي سيشكل مستقبل قطاع الطاقة، إذ أن التقدم في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والتقنيات النظيفة، سيساهم في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات، مع تطور تقنيات استخلاص الكربون وتخزينه.
ويبقى الاستثمار التحدي الأساس، حيث يقدّر التقرير حجم الاستثمارات المطلوبة في النفط حتى 2050 بأكثر من 17,4 تريليون دولار، أي بمعدل 640 مليار دولار سنوياً. ويستحوذ قطاع الاستكشاف والتنقيب والإنتاج على حصة الأسد من هذه الاستثمارات بواقع 14.2 تريليون دولار.
وكان الغيص حذّر في مناسبات عدّة بأن نقص الاستثمارات في قطاع النفط والغاز "يمكن أن يسبب تقلباً في الأسواق على المدى الطويل، وبما يعرّض نمو الاقتصاد العالمي للخطر.
رغم الانخفاض المتوقع في إنتاج الولايات المتحدة من النفط بحلول منتصف القرن، إلا أن مناطق أخرى من العالم ستعوض ذلك، حيث ترى "أوبك" أن دول أميركا اللاتينية وكندا والشرق الأوسط ستزيد إمداداتها للأسواق، بحيث سيصل المعروض من دول المنظمة في 2050 إلى 62.9 مليون برميل يومياً، بينما سيبلغ المعروض من الدول غير الأعضاء 57.3 مليون برميل يومياً.
أما على المدى الأقرب، فمن المتوقع أن تكون الولايات المتحدة أكبر مصدر لنمو إمدادات الخام حتى نهاية العقد الحالي.
بالنسبة للطلب على الخام، فستقود الهند النمو، بينما سترتفع حصة الدول النامية إلى 71.5% بحلول 2050 بزيادة 7 نقاط مئوية عن 2023. ويأتي ارتفاع الطلب على النفط في خضم نمو في الطلب الإجمالي على الطاقة بنسبة 24% حتى عام 2050، ليصل إلى 374 مليون برميل نفط مكافئ.
منظمة "أوبك" كانت خفضت في سبتمبر الحالي توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 للشهر الثاني على التوالي، حيث قدّرت أن ينمو الطلب بمقدار مليوني برميل يومياً، بعد أن كانت توقعاتها الشهر الماضي عند حوالي 2.1 مليون برميل يومياً، وفي الشهر الأسبق عند 2.2 مليون برميل.
تتوقع "أوبك" أن ترتفع صادرات النفط الخام والمكثفات من الشرق الأوسط من 17.8 مليون برميل يومياً في 2023، لتصل لأكثر من 20 مليون برميل يومياً في عام 2030. على أن يتباطأ نمو الصادرات من هذه المنطقة في العقد الأخير من التوقعات، ليصل إلى 26.8 مليون برميل يومياً في 2050، بما يمثل 58% من إجمالي مزيج الصادرات.